والإباحة بالرجال دون النساء. وقد روى الشعبي عن مسروق عن عائشة أن امرأة قالت لها يا أماه فقالت لست بأم لك أنا أم رجالكم. ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجرِينَ﴾. قيل إنه أراد بالمؤمنين الأنصار، وبالمهاجرين قريشاً. وفيه قولان: أحدهما: أن هذا ناسخ للتوارث بالهجرة حكى سعيد عن قتادة قال كان نزل في الأنفال ﴿وَالَّذِينَءَامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتهِمْ مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ﴾ فتوارث المسلمون بالهجرة فكان لا يرث الأعرابي المسلم من قريبه المهاجر المسلم شيئاً ثم نسخ ذلك في هذه السورة بقوله ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُم أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾. الثاني: أن ذلك ناسخ للتوارث بالحلف والمؤاخاة في الدين روى هشام بن عمرو عن أبيه عن الزبير بن العوام قال أنزل فينا خاصة معشر قريش والأنصار لما قدمنا المدينة قدمناه ولا أموال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فآخيناهم فأورثونا وأورثناهم، فآخى أبو بكر خارجة بن زيد وآخيت أنا كعب بن مالك، فلما كان يوم أُحد قتل كعب بن مالك فجئت فوجدت السلاح قد أثقله فوالله لقد مات ما ورثه غيري حتى أنزل الله هذه الآية فرجعنا إلى مواريثنا. قوله تعالى: ﴿فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: في القرآن، قاله قتادة. الثاني: في اللوح المحفوظ الذي قضى أحوال خلقه، قاله ابن بحر. ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾ يعني أن التوارث بالأنساب أولى من التوارث بمؤاخاة المؤمنين وبهجرة المهاجرين ما لم يختلف بالمتناسبين دين فإن اختلف بينهما الدين فلا توارث بينهما روى شهر بن حوشب عن أبي أمامة أن النبي ﷺ قال: (لاَ يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتِينِ).