قوله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً﴾ الآية. سبب نزولها ما حكاه النقاش أن اليهود قالوا للنبي ﷺ ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً صادقاً كما كلمه موسى ونظر إليه؟ فنزلت هذه الآية. وفي قوله: ﴿وَحْياً﴾ وجهان: أحدهما: أنه نفث ينفث في قلبه فيكون إلهاماً، قاله مجاهد. الثاني: رؤيا يراها في منامه، قاله زهير بن محمد. ﴿أَوْ مِن وَرَآءِي حِجَابٍ﴾ قال زهير: كما كلم موسى. ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً﴾ قال زهير: هو جبريل. ﴿فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ﴾ وهذا الوحي من الرسل خطاب منهم للأنبياء يسمعونه نطقاً ويرونه عياناً. وهكذا كانت حال جبريل إذا نزل بالوحي على النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: نزل جبريل على كل نبي فلم يره منهم إلا محمد وعيسى وموسى وزكريا صلوات الله عليهم أجمعين، فأما غيرهم فكان وحياً إلهاماً في المنام. قوله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: رحمة من عندنا، قاله قتادة. الثاني: وحياً من أمرنا، قاله السدي. الثالث: قرآناً من أمرنا، قاله الضحاك. ﴿مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ﴾ فيه وجهان: أحدهما: ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة، ولا الإيمان لولا البلوغ، قاله ابن عيسى. الثاني: ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك وهو محتمل. وفي هذا الإيمان وجهان: أحدهما: أنه الإيمان بالله، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته. الثاني: أنه دين الإٍسلام، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة. ﴿وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً... ﴾ فيه قولان أحدهما: جعلنا القرآن نوراً، قاله السدي.


الصفحة التالية
Icon