أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم} قوله عز وجل: ﴿وَكَأيّن مِّن قَرْيَةٍ﴾ أي وكم من قرية، وأنشد الأخفش للبيد:

(وكائن رأينا من ملوك وسوقة ومفتاح قيد للأسير المكبل)
فيكون معناه: وكم من أهل قرية. ﴿هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً﴾ أي أهلها أشد قوة. ﴿مِّن قَرْيَتِكَ﴾ يعني مكة. ﴿الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ أي أخرجك أهلها عند هجرتك منها. ﴿أَهْلكْنَاهُمْ﴾ يعني بالعذاب. ﴿فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ﴾ يعني فلا مانع لهم منا، وهذا وعيد.
﴿أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم﴾ قوله عز وجل: ﴿أَفَمَن كَان عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبّهِ﴾ فيه أربعة أقاويل: أحدها: أنه القرآن، قاله ابن زيد. الثاني: أنه محمد ﷺ، قاله أبو العالية، والبينة الوحي. الثالث: أنهم المؤمنون، قاله الحسن، والبينة معجزة الرسول. الرابع: أنه الدين، قاله الكلبي. ﴿كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ فيه قولان: أحدهما: عبادتهم الأوثان، قاله الضحاك. الثاني: شركهم، قاله قتادة، وفيهم قولان: أحدهما: أنهم كافة المشركين.


الصفحة التالية
Icon