قوله (قم الليلَ إلاّ قليلاً) لأن قيام جميعه على الدوام غير ممكن فاستثنى منه القليل لراحة الجسد، والقليل من الشيء ما دون النصف. حكي عن وهب بن منبه أنه قال: القليل ما دون المعشار والسدس. وقال الكلبي ومقاتل: القليل الثلث. وَحدُّ الليل ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر الثاني. ثم قال تعالى: ﴿نِصْفَهُ أو انقُصْ مِنْهُ قليلاً﴾ فكان ذلك تخفيفاً إذا لم يكن زمان القيام محدوداً، فقام الناس حتى ورمت أقدامهم، فروت عائشة أن النبي ﷺ قام في الليل فقال: أيها الناس اكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فإن اللَّه لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل، وخير الأعمال ما ديم عليه. ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: (عَلِم أنْ لن تُحْصوه فتابَ عليكم فاقْرَؤوا ما تيسّر من القرآن). ﴿أوزِدْ عليه ورَتِّل القرآنَ تَرْتيلاً﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: بيّن القرآن تبياناً، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم. الثاني: فسّرْه تفسيراً، قاله ابن جبير. الثالث: أن تقرأه على نظمه وتواليه، لا تغير لفظاً ولا تقدم مؤخراً مأخوذ من ترتيل الأسنان إذا استوى نبتها وحسن انتظامها، قاله ابن بحر. ﴿إنّا سنُلْقي عليكَ قوْلاً ثَقيلاً﴾ وهو القرآن، وفي كونه ثقيلاً أربعة تأويلات: أحدها: أنه إذا أوحي إليه كان ثقيلاً عليه لا يقدر على الحركة حتى ينجلي عنه، وهذا قول عائشة وعروة بن الزبير. الثاني: العمل به ثقيل في فروضه وأحكامه وحلاله وحرامه، قاله الحسن وقتادة. الثالث: أنه في المزان يوم القيامة ثقيل، قاله ابن زبير.