﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْراً﴾ فيه قولان: أحدهما: الملائكة تلقي ما حملت من الوحي والقرآن إلى من أرسلت إليه من الأنبياء، قاله الكلبي. الثاني: الرسل يلقون على أممهم ما أنزل إليهم، قاله قطرب. ويحتمل ثالثاً: أنها النفوس تلقي في الأجساد ما تريد من الأعمال. ﴿عُذْراً أو نُذْراً﴾ يعني عذراً من الله إلى عباده، ونُذْراً إليهم من عذابه. ويحتمل ثانياً: عذراً من الله بالتمكن، ونذراً بالتحذير. وفي ما جعله عذراً أو نذراً ثلاثة أقاويل: أحدها: الملائكة، قاله ابن عباس. الثاني: الرسل، قاله أبو صالح. الثالث: القرآن، قاله السدي. ﴿إنما تُوعَدُونَ لَواقعٌ﴾ هذا جواب ما تقدم من القسم، لأن في أول السورة قسم، أقسم الله تعالى إنما توعدون على لسان الرسول من القرآن في أن البعث والجزاء واقع بكم ونازل عليكم. ثم بيّن وقت وقوعه فقال: ﴿فإذا النجومُ طُمِسَتْ﴾ أي ذهب ضوؤها ومحي نورها كطمس الكتاب. ﴿وإذا السماءُ فُرِجَتْ﴾ أي فتحت وشققت. ﴿وإذا الجبالُ نُسِفَتْ﴾ أي ذهبت، وقال الكلبي: سويت بالأرض. ﴿وإذا الرّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني أُودت، قاله إبراهيم. الثاني: أُجلت، قاله مجاهد. الثالث: جمعت، قاله ابن عباس. وقرأ أبو عمرو (وقتت) ومعناها عرفت ثوابها في ذلك اليوم، وتحتمل هذه القراءة وجهاً آخر أنها دعيت للشهادة على أممها.
{ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين