الخامس: إذا سكن الخلق فيه، قاله عكرمة وعطاء وابن زيد، مأخوذ من قولهم سجى البحر إذا سكن، وقال الراجز:
(يا حبذا القمراءُ والليلِ الساج | وطُرُقٌ مِثْلُ ملاءِ النسّاج) |
﴿ما ودَّعَكَ ربُّكَ وما قَلَى﴾ اختلف في سبب نزولها، فروى الأسود بن قيس عن جندب أن رسول الله ﷺ رُمي بحجر في إصبعه فدميت، فقال:
(هل أنت إلاّ أصبعٌ دَميتِ | وفي سبيل اللَّه ما لَقِيتِ) |
قال فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم، فقالت له امرأة يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فنزل عليه:
﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾. وروى هشام عن عروة عن أبيه قال: أبطأ جبريل عن النبي ﷺ فجزع لذلك جزعاً شديداً، قالت عائشة: فقال كفار قريش: إنا نرى ربك قد قلاك، مما رأوا من جزعه، فنزلت:
﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾، وروى ابن جريج أن جبريل لبث عن النبي ﷺ اثنا عشرة ليلة فقال المشركون: لقد ودع محمداً ربُّه، فنزلت:
﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾. وفي (وَدَّعَك) قراءتان: أحدهما: قراءة الجمهور ودّعك، بالتشديد، ومعناها: ما انقطع الوحي عنك توديعاً لك. والثانية: بالتخفيف، ومعناها: ما تركك إعراضاً عنك. (وما قلى) أي ما أبغضك، قال الأخطل: