(المهْديات لمن هوين نسيئةً | والمحْسِنات لمن قَلَيْنَ مقيلاً) |
﴿ولَلآخرةُ خير لك مِنَ الأُولى﴾ روى ابن عباس قال: عرض على رسول الله ﷺ ما هو مفتوح على أمته من بعده، فسُرّ بذلك، فأنزل الله تعالى: (وللآخرة خير لك من الأُولى) الآية. وفي قوله
﴿وللآخرة خير لك من الأولى﴾ وجهان: أحدهما: وللآخرة خير لك مما أعجبك في الدنيا، قاله يحيى بن سلام. الثاني: أن مآلك في مرجعك إلى الله تعالى أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا، قاله ابن شجرة.
﴿ولسوف يُعْطيك ربُّك فَتَرْضَى﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: يعطيك من النصر في الدنيا، وما يرضيك من إظهار الدين. الثاني: يعطيك المنزلة في الآخرة، وما يرضيك من الكرامة.
﴿ألمْ يَجِدْك يتيماً فآوَى﴾ واليتيم بموت الأب، وقد كان رسول الله ﷺ فقد أبويه وهو صغير، فكفله جده عبد المطلب، ثم مات فكفله عمه أبو طالب، وفيه وجهان: أحدهما: أنه أراد يتم الأبوة بموت من فقده من أبويه، فعلى هذا في قوله تعالى (فآوى) وجهان: أحدهما: أي جعل لك مأوى لتربيتك، وقيمّاً يحنو عليك ويكفلك وهو أبو طالب بعد موت عبد الله وعبد المطلب، قاله مقاتل. الثاني: أي جعل لك مأوى نفسك، وأغناك عن كفالة أبي طالب، قاله الكلبي. والوجه الثاني: أنه أراد باليتيم الذي لا مثيل له ولا نظير، من قولهم درة يتيمة، إذا لم يكن لها مثيل، فعلى هذا في قوله (فآوى) وجهان: أحدهما: فآواك إلى نفسه واختصك برسالته.