إلا وهو ينكص، أي يرجع على عقبيه، فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهواء وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً). وروى الحسن أن النبي ﷺ قال: (إنّ لكل أمة فرعون، وفرعون هذه الأمة أبو جهل). وكانت الصلاة التي قصد فيها أبو جهل رسول الله صلاة الظهر. وحكى جعفر بن محمد أن أول صلاة جماعة جمعت في الإسلام، يوشك أن تكون التي أنكرها أبو جهل، صلاها رسول الله ﷺ ومعه عليّ رضي الله عنه فمرّ به أبو طالب ومعه ابنه جعفر فقال: صل جناح ابن عمك، وانصرف مسروراً يقول:

(إنَّ عليّاً وجعفرا ثقتي عند مُلِمِّ الزمان والكُرَبِ)
(والله لا أخذل النبيّ ولا يخذله من كان ذا حَسَبِ)
(لا تخذلا وانصرا ابن عمكما أخي لأمي من بنيهم وأبي)
فسمع رسول الله ﷺ بذلك. ﴿أرأيْتَ إن كان على الهُدَى أو أمَرَ بالتّقْوَى﴾ فيه قولان: أحدهما: يعني أبا جهل، ويكون فيه إضمار، وتقديره: ألم يكن خيراً له. الثاني: هو النبي ﷺ كان على الهدى في نفسه، وأمر بالتقوى في طاعة ربه. وفي قوله (أرأيْتَ) احتمال الوجهين: أحدهما: أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. الثاني: خطاب عام له ولأمته، والمراد به على الوجهين هدايته، ويكون في الكلام محذوف، وتقديره: هكذا كان يفعل به. ﴿أرأَيْتَ إن كَذَّبَ وَتَوَلّى﴾ يعني أبا جهل، وفيه وجهان: أحدهما: كذب بالله وتولى عن طاعته. الثاني: كذب بالقرآن وتولى عن الإيمان. ويحتمل ثالثاً: كذب بالرسول وتولى عن القبول.


الصفحة التالية
Icon