وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه قوا أنفسكم، وأهلوكم فليقوا أنفسهم ناراً، قاله الضحاك. الثاني: قوا أنفسكم ومروا أهليكم بالذكر والدعاء حتى يقيكم اللَّه بهم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. الثالث: قوا أنفسكم بأفعالكم، وقوا أهليكم بوصيتكم، قاله علي وقتادة ومجاهد. وفي الوصية التي تقيهم النار ثلاثة أقاويل: أحدها: يأمرهم بطاعة اللَّه وينهاهم عن معصيته، قاله قتادة. الثاني: يعلمهم فروضهم ويؤدبهم في دنياهم، قاله علي. الثالث: يعلمهم الخير ويأمرهم به، ويبين لهم الشر، وينهاهم عنه. قال مقاتل: حق ذلك عليه في نفسه وولده وعبيده وإمائه. ﴿وَقودها الناسُ والحجارةُ﴾ في ذكر الحجارة مع الناس ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها الحجارة التي عبدوها، حتى يشاهدوا ما أوجب مصيرهم إلى النار، وقد بين الله ذلك في قوله ﴿إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّم﴾. الثاني: أنها حجارة من كبريت وهي تزيد في وقودها النار وكان ذكرها زيادة في الوعيد والعذاب، قاله ابن مسعود ومجاهد. الثالث: أنه ذكر الحجارة ليعلموا أن ما أحرق الحجارة فهو أبلغ في إحراق الناس. روى ابن أبي زائدة قال: بلغني أن رسول الله ﷺ تلا هذه الآية ﴿يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم﴾ الآية، وعنده بعض أصحابه، ومنهم شيخ فقال الشيخ: يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا؟ فقال والذي نفسي بيده لصخرة من جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها، فوقع الشيخ مغشياً عليه، فوضع النبي ﷺ يده على فؤاده فإذا هو حي، فقال: يا شيخ قل لا إله إلا اللَّه، فقال بها، فبشره بالجنة، فقال أصحابه: يا رسول اللَّه أمِن بيننا؟ قال: نعم لقول اللَّه تعالى: ﴿ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد﴾.