﴿عليها ملائكة غِلاظٌ شدادٌ﴾ يعني غلاظ القلوب، شداد الأفعال وهم الزبانية. ﴿لا يعْصُون الله ما أمرهم﴾ أي لا يخالفونه في أمره من زيادة أو نقصان. ﴿ويَفْعلون ما يُؤْمَرونَ﴾ يعني في وقته فلا يؤخرونه ولا يقدمونه. ﴿يا أيها الذين آمنوا تُوبوا إلى اللَّه تَوْبةً نَصوحاً﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدهها: أن التوبة النصوح هي الصادقة الناصحة، قاله قتادة. الثاني: أن النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره، قاله الحسن. الثالث: أن لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها. الرابع: أن النصوح هي التي لا يحتاج معها إلى توبة. الخامس: أن يتوب من الذنب ولا يعود إليه أبداً، قاله عمر بن الخطاب. وهي على هذه التأويلات مأخوذة من النصاحة وهي الخياطة. وفي أخذها منها وجهان: أحدهما: لأنها توبة قد أحكمت طاعته وأوثقتها كما يحكم الخياط الثوب بخياطته وتوثيقه. الثاني: لأنها قد جمعت بينه وبين أولياء اللَّه وألصقته بهم كما يجمع الخياط الثوب ويلصق بعضه ببعض. ومنهم من قرأ نُصوحاً بضم النون، وتأويلها على هذه القراءة توبةَ نُصْح لأنفسكم، ويروي نعيم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم بضالَّته يجدها بأرض فلاة عليها زاده وسقاؤه).
{يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم