الثاني: أنه تمنى أن يموت في الحال، ولم يكن في الدنيا أكره إليه من الموت، قاله قتادة. ﴿ما أغْنَى عَنيِّ مالِيَهْ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أن كثرة ماله في الدنيا لم يمنع عنه في الآخرة. الثاني: لأن رغبته في زينة الدنيا وكثرة المال هو الذي ألهاه عن الآخرة. ﴿هَلَكَ عني سُلْطانِيَهْ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه ضللت عن حُجّتي، قاله مجاهد وعكرمة والسدي والضحاك. الثاني: سلطانه الذي تسلط به على بدنه حتى أقدم به على معصيته، وهذا معنى قول قتادة. الثالث: أنه كان في الدنيا مطاعاً في أتباعه، عزيزاً في امتناعه، وهذا معنى قول الربيع بن أنس. وحكي أن هذا في أبي جهل بن هشام، وذكر الضحاك أنها نزلت في الأسود ابن عبد الأسد. ﴿فليس له اليومَ ها هنا حَميمٌ﴾ الحميم: القريب، ومعناه ليس له قريب ينفعه ويدفع عنه كما كان يفعل معه في الدنيا. ﴿ولا طعامٌ إلا مِنْ غِسْلين﴾ فيه أربعة أقاويل: أحدها: أنه غسالة أطرافهم، قاله يحيى بن سلام، قال الأخفش: هو فعلين من الغسل. الثاني: أنه صديد أهل النار، قاله ابن عباس. الثالث: أنه شجرة في النار هي أخبث طعامهم، قاله الربيع بن أنس. الرابع: أنه الحار الذي قد اشتد نضجه، بلغة أزد شنوءة.
﴿فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين﴾ ﴿فلا أُقْسِمُ بما تُبصِرون﴾ قال مقاتل: سبب ذلك أن الوليد بن المغيرة قال: إن محمداً ساحر، وقال أبو جهل: إنه شاعر، وقال عقبة بن معيط: إنه كاهن فقال


الصفحة التالية
Icon