وهذه الرواية تدل على شهادة الجمع الكثير الذى لا يحصى بهذا الحديث، وأن هذا الجمع لم يكن من الصحابة وحدهم، بل كان من الصحابة والتابعين، إذ يترجح فى عهد عثمان أن يكون الحاضرون من الصحابة والتابعين معا، وهذا يعنى أن رواية العدد الكثير الذى يؤمن تواطؤه على الكذب
لحديث «نزول القرآن على سبعة أحرف»
ليست قاصرة على طبقة الصحابة.
لذا نقل السيوطى عن أبى عبيد القاسم بن سلام (ت ٢٢٤ هـ) القول بتواتر هذا الحديث «١»، وعده السيوطى نفسه فى «التدريب» من الأحاديث المتواترة «٢».
ولا خلاف فى صحة الحديث، فقد رواه البخارى ومسلم وابن حبان والحاكم من طرق كثيرة، وأخرجه أبو داود والنسائى والترمذي وأحمد وابن جرير الطبرى والطبرانى بألفاظ متعددة.
والحديث بهذا على مذهب ابن الصلاح (عثمان بن عبد الرحمن- ت ٦٤٣ هـ) يفيد العلم اليقينى النظرى، فقد عدّ أقسام الحديث الصحيح قائلا: «فأولها:
صحيح أخرجه البخارى ومسلم جميعا، الثانى: صحيح انفرد به البخارى، أى عن مسلم، الثالث: صحيح انفرد به مسلم، أى عن البخارى، الرابع:
صحيح على شرطهما لم يخرجاه، الخامس: صحيح على شرط البخارى لم يخرجه، السادس: صحيح على شرط مسلم لم يخرجه، السابع: صحيح عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما، هذه أمهات أقسامه، وأعلاها الأول، وهو الذى يقول فيه أهل الحديث كثيرا: «صحيح متفق عليه» يطلقون ذلك ويعنون به
(٢) تدريب الراوى فى شرح تقريب النواوى للسيوطى- تحقيق محمود عبد اللطيف ط. المكتبة العلمية بالمدينة المنورة ص ٣٧٤