اتفاق البخارى ومسلم «١». لا اتفاق الأمة عليه، لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه، لاتفاق الأمة على تلقى ما اتفقا عليه بالقبول.
وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقينى النظرى واقع به، خلافا لقول من نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد فى أصله إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ.
وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا، ثم بان لى أن المذهب الذى اخترناه أولا هو الصحيح، لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة فى إجماعها معصومة من الخطأ، ولهذا كان الإجماع المبتنى على الاجتهاد حجّة مقطوعا بها، وأكثر إجماعات العلماء كذلك «٢».
فالحديث المتفق على صحته يفيد العلم اليقينى النظرى عند ابن الصلاح، وحديث «نزول القرآن على سبعة أحرف» متفق على صحته، فهو يفيد العلم اليقينى النظرى، وإن لم نقل: إن الحديث متواتر، فكلاهما يفيد العلم اليقينى، والفرق بينهما فى إفادة العلم، أن المتواتر يفيد العلم اليقينى الضرورى الذى يضطر الإنسان إليه دون حاجة إلى استدلال، أما المتفق على صحته فإنه يفيد العلم اليقينى النظرى الذى يحصل بالاستدلال، فالعلم الضرورى يحصل لكل سامع وإن كان عاميا، أما النظرى فإنه لا يحصل إلا لمن له أهلية النظر «٣».
وبهذا كان حديث «نزول القرآن على سبعة أحرف» مفيدا للعلم اليقينى النظرى

(١) اصطلاح ابن تيمية الجد- عبد السلام بن عبد الله، مجد الدين (ت ٦٥٢ هـ) فى كتابه «منتقى الأخبار» أن المتفق عليه: هو ما رواه البخاري ومسلم وأحمد.
(٢) علوم الحديث لأبى عمرو بن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن بن موسى (ت ٦٤٣ هـ) تحقيق نور الدين عتر- المكتبة العلمية ص ٢٣ - ٢٤
(٣) انظر «على القارى على شرح نخبة الفكر فى مصطلحات أهل الأثر لابن حجر» طبعة الباب العالى العثمانية ص ٢٦ - ٢٨


الصفحة التالية
Icon