به «القرآن الكريم» كما قال تعالى في سورة الأنبياء (آية ٤٥): قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ.
وقرأ الباقون «ولتنذر» بتاء الخطاب، والمخاطب نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلّم فهو فاعل الإنذار، كما قال تعالى في سورة النازعات (آية ٤٥): إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها. والإنذار: إخبار فيه تخويف، قال تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (سورة الليل آية ١٤).
قال ابن الجزري:
.......... بينكم ارفع في كلا... حقّ صفا..........
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والكاف من «كلا» ومدلول «حقّ» ومدلول «صفا» وهم: «حمزة، وابن عامر، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وشعبة، وخلف العاشر» «بينكم» من قوله تعالى: وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ (سورة الأنعام آية ٩٤). قرءوا «بينكم» برفع النون، على أنّ «بين» اسم غير ظرف معناه «الوصل» فأسند الفعل إليه، والمعنى: لقد تقطّع وصلكم، وإذا تقطع وصلهم افترقوا، وهو المعنى المراد من الآية.
وإنما استعملت «بين» بمعنى «الوصل» لأنها تستعمل كثيرا مع السببين المتلابسين بمعنى «الوصل» تقول: بيني وبينه رحم وصداقة، أي بيني وبينه صلة، فلما استعملت بمعنى الوصل جاز استعمالها في الآية كذلك.
ويجوز أن تكون «بين» ظرف، وجاز إسناد الفعل إليه، لأنه يتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها، فأسند الفعل إليه مجازا، كما أضيف إليه في قوله تعالى: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ (سورة المائدة آية ١٠٦).
وقرأ الباقون «بينكم» بنصب النون، على أنها ظرف ل «تقطع» والفاعل ضمير والمراد به «الوصل» لتقدّم ما يدلّ عليه وهو لفظ «شركاء» والتقدير: لقد تقطع وصلكم بينكم، ودلّ على حذف «الوصل» قوله تعالى: وَما نَرى مَعَكُمْ


الصفحة التالية
Icon