فقد صار للأخت النصف كما أن للابنةِ النصفَ، (فَإِن كَانَتَا اثْنَتين فَلَهُمَا
الثُلُثانِ) فأعطيت البنتان الثلثين كَمَا أعُطِيتَ الأختان، وأعطِيَ جملة
الأخوات الثلثين قياساً على ما ذكر اللَّه - عزَّ وجلَّ - في جملة البنات، وأعلم اللَّه في مكان آخر أن حظ الابنتين وما فوقهمَا حَظ واحِد في قوله: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ).
فدلت هذه الآية أن حظَّ الجماعة إِذا كان الميراث مسمى حظ واحدة.
وهذا أيضاً في العربية كذا قياسُه لأن منزلة الاثنتين من الثلاث كمنزلة
الثلاث من الأربع فالاثنان جمع كما أن الثلاثَ جمعُ، وَصَلَاةُ الاثْنَيْن وَصَلاةُ
الاثنتين جَماعَةٌ، والاثنان يحجبان كما تحجب الجماعة.
فهذا بيِّن واضحٌ.
وهذا جعله اللَّه في كتابه يدل بعضُه على بعضٍ تفْقيهاً لِلمسْلِمينَ
وتعليماً، ليعلموا فيما يحزبُهمْ من الأمور على هذه الأدلة.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد، وكذا قال إسماعيل بن إسحاق - أنه
قال: في الآية نفسها دليل أن للبنتين الثلثين، لأنه إِذا قال: للذكر مثل
حَظ الأنثيَين، وكان أولُ العددِ ذكراً وأنثى، فللذَّكر الثلثان وللأنثى الثلث، فقد بأن من هذا أن لِلبنْتَين الثلثين، واللَّه قد أعلم أن ما فوق الثنثين لهما
الثلثان.