(وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ).
لأنهم إِنما جحدوا براهين الله جلَّ وعزَّ وجائز أن يكون فإِنَّهم لا
يُكذبونك، أي أنت عندهم صادق، لأنه - ﷺ - كان يُسمَّى فيهم الأمين قبل الرسالة، ولكنهم جحدوا بألسنتهم ما تشهد قلوبهم يكذبهم فيه.
ثم عَزَّى الله نبيه وصَبرهُ بأن أخبره أن الرسلَ قبلَه قد كَذبتهم أمم فقال:
(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤)
أي إِذ قال الله لرسوله: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)، وإِذ قال:
(لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) فَلا مبدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ أي لا يخلف الله وعده ولا
يغلب أولياءَه أحَدٌ.
ثم أعلم الله عزَّ وجلَّ رسُوله أنه يأتي من الآيات بما أحب، وأنه - ﷺ - بشر لا يقدر على الِإتيان بآية إلا بما شاءَ الله من الآيات فقال:
(وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥)
أي إِن كان عَظمَ عليك أن أعْرضوا إِذ طَلبوا منك أنْ تُنزِّلَ عليهم ملَكاً.
لأنهم قالوا: (لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَك) ثم أعلم اللَّه جلَّ وعزَّ أنهم لو نزلتْ
عليهم الملائِكة وأتاهم عظيم من الآيات ما آمَنُوا.
وقوله: (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ).


الصفحة التالية
Icon