وقوله: (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا).
أي بل زَعمتم أن لن تبْعَثوا، لأن الله جل ثناؤه، وعدَهُم بالبَعْثِ.
* * *
وقوله: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)
معناه - والله أعلم - وُضِعَ كتابُ كُل امْرئ بِيَمينهِ أو شماله.
(فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا).
كل من وقع في هلكةٍ دعا بالويل.
(مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا)
أي لا تاركاً صغيرةً.
(وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).
أي إنما يعاقبهم فيضع العقوبة موضعها في مُجازاة الذنُوبِ.
وأجمع أهل اللغة أن الظلم وضع الشيء في غير موضعه.
* * *
وقوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠)
قوله: (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) دليل على أنه أمر بالسجود مع الملائكة، وأكثر
ما في التفسير أن إبليس من غير الملائكة وقد ذكره اللَّه عزَّ وجلَّ أنه كان منَ
الجِنِ بمنزلة آدم من الإنس، وقد قيل إن الجِن ضَربٌ من الملائكة، كانوا
خُزانَ الأرض، وقيل خزان الجنانِ.
فإن قال قائل: فكيف استثنى مع ذكر الملائكة، فقال فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ، فكيف وقع الاستثناء وليس هو من الأول، فالجواب في هذا أنه أُمر
مَعَهُمْ بالسجود فاستثنى من أنه لَمْ يَسْجُد، والدليل جملى ذلك أنك تقول:
أمرت عَبْدِي وأخوتي فأطاعوني إلا عبدي، وكذلك قوله عزَّ وجلَّ:
(فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ)، ورب العالمين ليس كمثله شيء، وقد جرى ذكره في