وإنما سمى فتاه لأنه كان يخدِمُه، والدليل على ذلك قول موسى:
(آتِنا غَدَاءَنَا).
وقوله: (حُقباً).
الحقبُ ثمانون سنةً، وكان مجمع البحرين الموضع الذي وعد فيه
موسى بلقاء الخضِر عليه السلام.
وأحب الله عزَّ وجلَّ أن يُعْلمَ موسى - وإن كان قد أوتي التوراة أنه قد أُوتيَ غيره من العلم أيضاً ما ليس عنده، فَوعِدَ بلقاء الخضِر.
* * *
(فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (٦١)
يعنى به موسى ويوشَع.
(نِسِيَا حُوتَهُمَا)
وكانت فيما روي سمكة مملوحة، وكانت آية لموسى في الموضع الذي
يلقى فيه الخَضِر.
(فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).
أحيا اللَّه السمكة حتى سربَت في البحر، و (سَرَبًا) منصوب على جهتين.
على المفعول كقولك: اتخذت طريقي في الشرب، واتخذت طريقي مكان
كذا وكذا، فيكون مفعولًا ثانياً كقولك اتخذت زيداً وَكِيلاً.
ويجوز أن يكون " سَرَباً " مَصْدَراً يدل عليه (فاتخذَ سبِيلَه في البحر) فيكون المعنى نَسيَا حوتَهُمَا فجعل الحوتُ طريقَه في البحر ثم بين كيف ذلك، فكأنه قال: سَرَبَ الحُوتُ سَرباً، ومعنى نسيا حوتهما، كان النسيان مِنْ يُوشَع أن تقدمه، وكان النسيانُ من موسى أن يأمره فيه بشيء.
* * *
وقوله: (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣)
والصخرة موضع المَوْعِد.


الصفحة التالية
Icon