جعلهُ الله يَبَساً حتى جَاوَزُوه.
* * *
وقوله: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (٩٢)
(نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) نلقيك عُرياناً وقيل ننجيك ببدنك نلقيك على نَجْوةٍ
من الأرض، وإنما كان ذلك آيةً لأنه كان يَدَّعِي أنَّه إلهٌ وكان يعبُده قومُه، فبيَّنَ اللَّه أمْرَه وأنه عَبْدٌ.
وفيه من الآية أنه غرِق القومُ وأُخْرِجَ هو مِنْ بيْنهم فكان في ذلك آية.
* * *
وقوله: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٩٤)
هذه آية قد كثر سُؤَالُ الناسِ عنها وخوضُهم فيها جِدَّا، وفي السورة ما
يدل على بيانها وكشف حقيقتها:
والمعنى أن اللَّه - جلَّ وعزَّ - خاطب النبي - ﷺ - وذلك الخطاب شامل للخلق فالمعنى: إن كنتم في شك فاسألوا.
والدليل على ذلك قوله في آخر السورة:
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ).
فأعلم اللَّه - جلَّ وعزَّ - أن نبيه - ﷺ - ليس في شَكٍّ، وأمرُه أن يتْلُو عليهم ذَلِكَ.
ويروى عن الحسن أنه قال: لم يَسألْ ولم يَشُد، فهذا بَيِّن جداً.
والدليل على أن المخاطبة للنبي مخاطبةٌ للناس قوله:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ).
فقال (طَلَّقْتُمُ) ولفظ أول الخَطاب للنبي - ﷺ -


الصفحة التالية
Icon