(فآزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ).
فتأويله أقوى بهِ واستُعين به على أمري.
فأما الوزير في اللغة فاشتقاقه من الوَزَرِ، والوَزَرُ الجَبلُ الذي يُعْتَصَم به
ليُنْجِيَ مِنَ الهكلَةِ، وكذلك وزير الخليفة معناه الذي يَعْتمد عليه في أمُورِه
وَيلْتَجِئ إلى رأيه وقوله: (كَلَّا لاَ وَزَرَ) معناه لا شيءَ يُعْتَصَمُ بِه من أمر
الله - عزَّ وجلَّ -.
* * *
وقوله: (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (٤٠)
(وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا).
معناه اختبرناك اختباراً.
وقوله: (ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى).
قيل في التفسير: على مَوْعِدٍ، وقيل على قَدَرٍ من تَكلِيمي إياك.
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (٤٢)
معناه ولا تضعُفَا، يقال: وَنَى يني وَنْياً ووُنيًّا إذاضَعُفَ، وقولك قد توانى
فلان في هذا الأمر أي قد فتر فِيه وضَعُفَ.
وقوله: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)
لعل في اللغة ترجٍّ وطمع، تقول: لَعلي أصير إلَى خيرٍ، فمعناه أرجو
وأطمع أن أصير إلى خير، واللَّه - عزَّ وجلَّ - خاطب العبادَ بما يعقلون
والمعنى عند سيبويه فيه: اذْهَبَا عَلَى رَجَائكما وَطَمَعَكُمَا.
والعلم من الله عزَّ وجلَّ قد أتى من وراء ما يكون. وقد علم الله عزَّ وجلَّ أنه لا يتذكر ولا يخشى، إلا أن الحجة إنما تجب عليه بالإبانة، وإقامتها عليه، والبرهان.