(عَلَى الكَافِرينَ غَيرُ يَسِيرٍ).
وليس هو على المؤمنين الذين أَدْخِلوا في رحمة اللَّه كذلك.
وأنشد بعض أهل اللغة في قوله تمنى في معنى تلا قول الشاعر:
تَمَنَّى كتابَ اللهِ أَوَّلَ لَيْلِه... وآخِرَه لاقَى حِمامَ المَقادِرِ
أي تلا كتاب اللَّه مترسلًا فيهِ كما تلا داود الزبور مترسِّلاً فيه.
* * *
وقوله: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠)
(ذلك) في موضع رفع، المعنى الأمر ذلك، أي الأمره، قصصنا لحيكم.
قوله: (وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِ).
الأول لم يكن عقوبةً، وإنما العقوبة الجزاء، ولكنه سُمِّي عقوبةً لأن
الفِعلَ الذي هو عقوبة كان جزاء فسمِّي الأول الذي جوزيَ عليه عقوبة لاستواء الفعلين في جنس المكروه.
كما قال عزَّ وَجَلَّ: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا).
فالأول سيئة والمجازاة عليها حسنةٌ من حسنات المجَازِي عليها إلا أنها سُمِّيَتْ
سيئَةً بأنها وقَعَتْ إساءة بالمفعول به، لأنه فعِلَ بِهِ ما يَسُوءه.
وكذلك قوله (مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)، جعل مجازاتهم باستهزائهم مسمَّى بلفظ فِعْلِهِمْ لأنه جَزَاءُ فعلهم.
* * *
وقوله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣)
وقرئت مَخْضَرَة.