فهذا ما كان في الكتاب، وكُتُبُ الأنبياءِ صَلَواتُ اللَّهِ عليهم
جارية عَلَى الِإيجاز والاختصار، وقد رُوِيَ أن الكتاب كان من عبد اللَّه
سُلَيمانَ إلى بلْقيس بنت سراحيل، وإنما كتب الناس من عبد اللَّه
احتذاء بسُلَيْمَانَ.
ومعنى (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ) ألا تَترفَعُوا عليَّ وإنْ كُنْتُم مُلُوكاً.
* * *
وقوله: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢)
أَي بَيِّنُوا لي ما أَعمَل، والملأ وجُوهُ القَوْمِ، الذين هم مُلَاء بِمَا
يحتاج إلَيْهِ.
* * *
(قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣)
ويروى أنه كان مَعَها ألف قِيل والقَيْلُ الملِك، ومع كل قيل أَلْفُ
رَجُل، وقيل مائة ألف رجل، وأكثر الرواية مائة ألف رجل.
وقوله: (حَتى تَشْهَدُونِ).
بكسر النُونِ، ولا يجوز فتح النون لأن أصله حتى (تشهدونَنِي)
فَحُذِفَتْ النون الأولى للنَّصْبِ وبقيت النونُ والياء للاسم، وحُذِفَت الياءُ
لأنَّ الكسرةَ تدل عليها، ولأنه آخر آية، وَمَنْ فتح النون فَلَاحِنٌ، لأنَّ
النونَ إذا فتحت فهي نون الرفع، وليس هذا من التي ترفع فيه حَتى.
ويجوز أنه مِنْ سُلَيْمان وأنه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، بفتح الألف
فيكون موضع أن الرفع على معنى: أُلْقِي إليَّ أنه من سُلَيمَانَ.
ويجوز أن تكون (أن) في مَوْضع نَصْبِ على معنى كتاب كريم لأنه من سُلَيْمان
ولأنهُ بسم اللَّه الرحمن الرحيم.
فأمَّا (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ) فيجوز أن يكون أنْ فِي مَوْضِع رَفْعٍ وفي موضع نَصْب، فالنصب على معنى كِتَاب