والأخرى أنه يفسده (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) فيكون " له الدينُ " مكرراً
في الكلام، لا يحتاج إليه، وإنما الفائدة في (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)
تحسن بقوله (مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ).
ومعنى إخلاص الدِّينِ ههنا عبادة الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وهذا جرى
تثبيتاً للتوحيد، ونفياً للشرك، ألا ترى قوله: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (٣)
أي فَأَخْلِصْ أَنْتَ الدِّينَ، ولا تتخذ من دونه أولياء، فهذا كله يؤكده
مخلصاً له الدِّينَ.
وموضع (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ..)
(الَّذِينَ) رفع بالابتداء، وخبرهم محذوف، في الكلام دليل عليه
المعنى والذين اتخذوا مِنْ دُونهِ أَوْليَاءَ يقولون مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى.
والدليل على هذا أيضاً قراءة أُبَى: (مَا نَعْبُدكُمْ إلا لتُقرِّبُونَا إلَى اللَّهِ).
هذا تصحيح الحكاية.
المعنى يَقُولُون لأوليَائِهِمْ: ما نعبدكم إلا لتقربونا إلى اللَّه زلفى، وعلى هذا
المعنى، يقولون ما نعبدهم، أي يقولون لمن يقول لهم لم عبدتموهم:
ما نعبدهم إلا ليُقَربُونَا إلى الله زلفى. أَيْ قُرْبَى.
ثم أعلم عزَّ وجلَّ - أنه لا يهدي هؤلاء فقال:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ).
ثُمَّ أَعْلَمَ جلَّ وعزَّ: أنه تعالى عن هذه الصفة فقال:
(لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٤)