- عزَّ وجلَّ - كفَّارة الظِّهار.
وفي هذا دَليل أنه لا يكون ما يطلق به الجاهلية طلاقاً
إلا أن يأتي الإسلام بذلك نحو ما قالوا في خليَّة وبَرِيَّة وحبلك على غاربك.
وأصل قولهم: أنْتِ طَالِقٌ لَمَّا أتى الِإسلام بحكم فيه مضى على حكم
الإسلام.
* * *
وقوله: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)
المعنى ما اللواتي يجعلن من الزوجات كالأمهات بأُمَّهَاتٍ.
(إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ).
المعنى ما أمهاتهم إلا اللائي وَلَدْنَهُمْ، فذكر اللَّه - عزَّ وجلَّ - الأمَّهاتِ
في موضع آخر فقال: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ)، فأعلمَ اللَّهُ أنَّ المرضِعَاتِ أمهاتٌ، والمعنى ما أمهاتهم إلا اللائي ولَدْنَهم، أي الوَالِداتُ والمرضِعَاتً.
فلا تكن الزوجات كهؤلاء، فأَعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أن ذلك منكر وباطل فقال:
(وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ).
عفا عنهم وغفر لهم بجعله الكفارة عليهم.
و (الذِين) في مَوْضِع رَفْعٍ بالابتداء، وخبره (مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ).
وأمهاتهم في موضع نصب على خبر (ما).
المعنى ليس هن بأُمَّهَاتِهِمْ.
* * *
وقوله: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣)
(الذين) رفع بالابتداء، وخبرهم فعَلَيْهم تَحْرِير رَقَبَةٍ، ولم يذكر " عَلَيْهم "
لأن في الكلام دليلًا عليه، وإن شئت أضمرت فكفارتهم تحريرُ رَقَبَةٍ.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا).
فاختلف أهل العلم فقال بعضهم: الكفارة للمسيس.
وقال بعضهم: إذا أراد العوْدَ إليها والِإقامة مسَّ أو لم يمس كفَّرَ.