ويكون المعنى كقوله: (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) أي اعْجَبُوا أنتم من
كُفْرِ الإنْسَان، ويجوز على معنى التوبيخ ولفظه لفظ الاستفهام.
أيْ أيُّ شيء أكفَرَهُ. ثم بَيَّن مِن أَمْره ما كان ينبغي أن يُعْلَمَ مَعَهُ أن الله خَالِقُه، وأنه وَاحِد فقال:
* * *
(مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨)
على لفظ الاستفهام، ومعناه التقرير ثم بيَّن فقال:
* * *
(مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩)
المعنى فَقَدَّرَهُ على الاستواء كما قال عزَّ وجلَّ: (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (٣٧).
* * *
وقوله: (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠)
أي هداه السبيل (إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا).
* * *
وقوله: (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١)
معنى أقبره جعل له قَبراً يوارى فيه، يقال أَقْبَرْتُ فُلَاناً، جعلت له قبراً.
وقبرت فلاناً دفنته فأنا قابِرُهُ.
قال الشاعر:
لَوْ أَسْنَدَتْ مَيْتاً إلى نَحْرِهَا... عَاشَ ولم يُنْقَلْ إلَى قَابِرِ
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢)
معناه بعثه، يقال: أنشر اللَّهُ المَوْتَى، فَنُشِرُوا، فالواحد نَاشِر
قال الشاعر:
حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ مَمَّا رَأَوْا... يَا عَجَبَاً لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ