من أنوار المعرفة يفيضون " فعلى هذا عام في كل ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾.
سورة البقرة: الآية (٤)..
الإنزال، والوحي متقاربان، لكن استعمال " الإنزال " على اعتبار حال المنزل والمنزل إليه بالشرف والمنزلة، لا بالمكان، والوحي: هو الإشارة والإبقاء.
وذلك على ثلاثة أضرب بينها الله تعالى في قوله ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ﴾ الأول - من ذلك الوحي: والإنزال الذي بينه تعالى وبين أولي العزم من الرسل بسفير يرونه.
والثاني: بسماعٍ من غير رؤية، كحال موسى - عليه السلام - في ابتداء بعثته.
والثالث: بالإلهام والإلقاء في الروع.
وذلك ضربان: إما الإلقاء في الروع في حال اليقظة، وهو المعبر عنه بالمحدث و " المروع "، وعليه نبه عليه السلام بقوله: (إن في أمتي لمروعين) وقوله: (إن يك في هذه الأمة محدث فعمر بن الخطاب) وقوله (إن روح القدس نفث في روعي) وإما إلقاء إليه في المنام، وذلك ضربان: إما ظاهر من المنام لا يحتاج إلى تعبير...
وإما تلويح ورمز يحتاج إلى تعبيره، ولهذا قال عليه السلام:
" الرؤيا الصادقة [الصالحة] جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة " فالذي يكون في المنام بالإلقاء في الروع، قد يكون لغير الأنبياء - عليهم السلام - والذي يكون بالسماع من غير رؤية قد يكون لغير أولي العزم من الرسل.
والذي يكون بالسفير المرئي لا يكون إلا لأولي العزم.
وعلى هذا