وَعَلَى هَذَا: فَيَنْبَغِي أَنَّ الغَايَةَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ، وَأَنَّ المُرَادَ بِالأَبَدِ: (إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ)، أَوْ هِيَ دَاخِلَةٌ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَتَنَاهَى؛ كَالحِسَابِ وَالمِيزَانِ وَأَحْوَالِ المَحْشَرِ، لَا مَا بَعْدَ ذَلِكَ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ كَوْنَ القَلَمِ كَتَبَ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ بِأَمْرٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا عَلِمَهُ - سُبْحَانَهُ - أَبْرَزَهُ أَوْ أَظْهَرَهُ فِي اللَّوْحِ - وَلَوْ لِلْمَلَائَكَةِ -؛ لأَنَّ إِسْرَافِيلَ خَادِمُ اللَّوْحِ مُلْتَقِمُ الصُّورِ (١)، وَيَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فِيهِ (٢).
وَيَحْتَمِلُ (٣) أَنْ يُقَالَ: هُوَ فِيهِ، وَلَكِنْ لَمْ يُطْلِعْهُ عَلَيْهِ عَالِمُ الغَيْبِ، فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولِهِ، وَاللهُ - تَعَالَى - بِحَقِيقَةِ الحَالِ أَعْلَمُ.
(٢) يُشِيرُ المُصَنِّفُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - أَنَّهُ قَالَ: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ وَاسْتَمَعَ الإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ، فَيَنْفُخُ؟!»، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (٢٤٣١) وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ»، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ، انْظُرِ «الصَّحِيحَةَ» (٣/ ٦٦ - ٦٧).
وَالصُّورُ: قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ؛ كَمَا جَاءَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ - ﷺ -، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (٤٧٤٢)، وَالتِّرْمِذِيُّ (٢٤٣٠)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيحَةِ» (٣/ ٦٨).
(٣) بِفَتْحِ اليَاءِ - هُنَا -، فَـ (احْتَمَلَ) - فِي اصْطِلَاحِ الفُقَهَاءِ وَالمُتَكَلِّمِينَ - تَكُونُ فِعْلًا لَازِمًا لِلوَهْمِ وَالجَوَازِ؛ كَقَوْلِكَ: (احْتَمَلَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَذَا)، وَتَكُونُ فِعْلًا مُتَعَدِّيًا لِلاقْتِضَاءِ وَالتَّضَمُّنِ؛ كَقَوْلِكَ (احْتَمَلَ وَيَحْتَمِلُ الحَالُ وُجُوهًا كَثِيرَةً)، انْظُرِ «المِصْبَاحَ المُنِيرَ» - مَادَّةَ (حَمَلَ) -.