وهذه الأشرطةُ ليست ضمنَ سلسلةِ دروسِ الشيخِ (رحمه الله) في المسجدِ النبويِّ؛ وإنما سَجَّلَهَا تلميذُه الشيخُ عطيةُ سالم (رحمه الله) في منزلِ الشيخِ (رحمه الله) حينَ أَقْعَدَهُ المرضُ عن إلقاءِ درسِه في الجامعةِ، فكان هذا التسجيلُ للطلبةِ تعويضًا لهم من انقطاعِ الشيخِ (رحمه الله) عنهم.
ثَانِيًا: من سورةِ الأنعامِ:
الشريطُ رقمُ [١] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٣٣) _ (٣٨).
الشريطُ رقمُ [٢] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٣٨) _ (٤٢)، نصف الآية (٤٣) قوله: ﴿تَضَرَّعُوا﴾.
الشريطُ رقمُ [٣] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٤٣) _ (٤٨).
الشريطُ رقمُ [٤] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٤٩) _ (٥٣).
الشريطُ رقمُ [٥] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٥٣) _ (٥٧).
الشريطُ رقمُ [٦] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٥٧) _ (٥٩)، (٧٤).
الشريطُ رقمُ [٧] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٧٤) _ (٨٢).
الشريطُ رقمُ [٨] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٨٣) _ (٨٩).
الشريطُ رقمُ [٩] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٩٠) _ (٩٣).
الشريطُ رقمُ [١٠] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (٩٣) _ (٩٧).
الشريطُ رقمُ [١١] فَسَّرَ فيه الآيتين: (٩٨) _ (٩٩).
الشريطُ رقمُ [١٢] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (١٠٠) _ (١٠٢).
الشريطُ رقمُ [١٣] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (١٠٣) _ (١٠٨).
الشريطُ رقمُ [١٤] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (١٠٨) _ (١١١).
الشريطُ رقمُ [١٥] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (١١٢) _ (١١٦).
الشريطُ رقمُ [١٦] فَسَّرَ فيه الآياتِ: (١١٦) _ (١٢٠)، (١٢٨).
مع هذا أَشْرَكُوا بِيَ الْجِنَّ، وعبدوا معي المعبوداتِ التي لا تنفعُ ولا تَضُرُّ (١).
وقولُه: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ﴾ في إعرابِ قوله: ﴿الْجِنَّ﴾ أَوْجُهٌ:
أشهرُها (٢): أنه أحدُ مَفْعُولَيْ ﴿جَعَلُوا﴾. والمعنَى: جعلوا الجنَّ شركاءَ لله. فهو المفعولُ الأولُ، أُخِّرَ لأَمْنِ اللَّبْسِ.
و (جعل) هنا ذهب كثيرٌ من العلماءِ إلى أنها التي بمعنَى (صيَّر) (٣) وهو غلطٌ. وإن قاله كثيرٌ من أَجِلاَّءِ العلماءِ.
والتحقيقُ: أن (جَعَلَ) هنا بمعنى (... ) (٤).
(... ) منافعها من ألبانٍ وأصوافٍ وأوبارٍ وأشعارٍ وأسمانٍ إلى غيرِ ذلك، وكذلك خَلَقَ السماءَ ورفعَها وأبعدَ سَمْكها وَزَيَّنَهَا بالنجومِ، وجعلَها سَقْفًا محفوظًا تَمُرُّ عليه آلافُ السنين لاَ يتفطرُ، ولا يتصدعُ، ولا يتشققُ، ولا يحتاجُ إلى إصلاحٍ وترميمٍ: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)﴾
_________
(١) انظر: البحر المحيط (٤/ ١٩٢ - ١٩٣).
(٢) انظر: ابن جرير (١٢/ ٧)، القرطبي (٧/ ٥٢)، البحر المحيط (٤/ ١٩٣)، الدر المصون (٥/ ٨٣).
(٣) انظر: الدر المصون (٥/ ٨٣). وما سيأتي عند تفسير الآية (١١٢) من سورة الأنعام.
(٤) في هذا الموضع وقع انقطاع في التسجيل. والكلام على (جعل) ومعانيها تجده عند تفسير الآية (١١٢) من سورة الأنعام، والآية (١٨٩) من سورة الأعراف. والكلام بعد الانقطاع يتعلق بالآية التي بعدها (١٠١) وهي قوله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ... ﴾ الآية.
ويحرمون حرامهم، فهؤلاء كَفَرَةٌ فَجَرَةٌ، وقد ثبت في الحديث عن عدي بن حاتم (رضي الله عنه) أنه سأل النبي ﷺ عن قوله: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله﴾ [التوبة: آية ٣١] كيف اتخذوهم أرباباً؟! - وكان عدي في الجاهلية نصرانيّاً - قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ألمْ يُحِلُّوا لهُمْ مَا حَرَّمَ اللهُ، وَيُحَرِّمُوا عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللهُ؟» قال: بلى. قال: «بِذَلِكَ اتَّخَذُوهُمْ أَرْبَاباً» (١). فمن اتبع تشريع ولي تَوَلاهُ من شيطان، أو طاغية، أو كافر، أو صاحب قانون، أو بدعة فاتبع ما أحل من الحرام، وما حرم من الحلال فقد اتَّخَذَ ذلك رَبّاً، وخرج عن قانون نظام السماء الذي وَضَعَهُ خَالِقُ السماوات والأرض -جل وعلا - على لسان سيد الخلق، وهذا معنى قوله: ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ﴾ أي: غيره ﴿أَوْلِيَاء﴾.
ثم قال: ﴿قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (٣)﴾ في هذا الحرف ثلاث قراءات سَبْعِيَّات (٢): قرأه ابن عامر وحده: ﴿قليلاً ما يتذكرون (٣)﴾ بزيادة ياء، وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: ﴿قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ بتاء واحدة مع تخفيف الذال على حذف إحدى التاءين، وإذا كان أول الفعل مبدوءاً بتاءين جاز حذف إحداهما تخفيفاً بقياس مطرد، وقرأه بقية القراء السبعة، وهم: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو بكر - وهو شعبة - عن عاصم، قرءوا: ﴿قليلاً ما تذّكرون﴾ بتشديد الذال. فعلى قراءة: ﴿تَذَكَّرُونَ﴾ أصله: (تتذكرون) حُذفت إحدى التاءين. وعلى قراءة: ﴿تذّكرون﴾ فقد أُدغمت إحدى التاءين في
_________
(١) مضى عند تفسير الآية (٥٧) من سورة الأنعام.
(٢) انظر: المبسوط لابن مهران ص٢٠٧.
وكذلك القلوب التي عقلت عن الله، وأدركت وحي الله، وصارت سببًا للإيمان أعطاك مثلها، فجميع أنواع الأسباب التي أعطاها الله للمهتدين أعطاك مثلها. بقي هنالك شيء واحد هو الذي حصل به التفاوت لم يعطكه وهو تفضله بالتوفيق، فقد تفضّل على هؤلاء بالتوفيق، ولم يتفضل عليك بالتوفيق، فمن هنا حيث إنه تفضّل على هؤلاء ولم يتفضل عليك من هنا حصل الفرق بينكما، وتفضله ليس واجبًا لك عليه حتى تحتج به عليه. ويوضحه بعض المناظرات، فإن المناظرة المشهورة التي دارت بين أبي إسحاق الإسفراييني وعبد الجبار من كبار المعتزلة توضح هذا المعنى، وقد بينّاها في هذه الدروس مرارًا (١)، وذلك أن المعتزلي الكبير المشهور عبد الجبار جاء يتقرب بهذا المذهب الباطل، وناظره أبو إسحاق الإسفراييي وقطعه في جمع بهذه الحجة التي أصلها القرآن كما سنبينه، فجاء عبد الجبار وقال: سبحان من تنزّه عن الفحشاء! يعني أنه تَنَزَّهَ عن أن تكون السرقة والزنا بمشيئته، فيزعم أن الله أنْزَهُ وأجَلّ وأعْظَمُ مِنْ أَنْ تَكُون السرقة والزنا والضلالة بمشيئته؟ وقال في هذا: سبحان من تنزّه عن الفحشاء.
[١٥/ب] فقال أبو إسحاق: كلمة حق أُريد بها باطل، ثم قال:/ سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء.
فقال عبد الجبار: أتراه يشاؤه ويعاقبني عليه؟
فقال أبو إسحاق: أتراك تفعله جبرًا عليه؟ أأنت الرب وهو العبد؟
_________
(١) مضى عند تفسير الآية (٣٩) من سورة الأنعام.
واختلف العلماء في حقيقة السَّلَب (١)، قال بعض العلماء: هو يقتصر على ما يأخذه لِلأْمَةِ الحرب، كالسيف والدرع والرُّمْح ونحو ذلك، والثياب تدخل فيه إجماعاً.
أما إذا وُجد في هميانه أي: في مِنْطَقَتِه التي يُشدّ بها وسطه إذا وجدت فيها دنانير، أو دراهم، أو جواهر، فإنها ليست مِنْ سَلَبِهِ إِجْمَاعاً.
واختلفوا في فرسه الذي يقاتل عليه هل هو مِنْ سَلَبِهِ أَوْ لا؟ فقال جماعة: هو مِنْ سَلَبِهِ يَسْتَحِقّهُ القَاتِل. وقال قوم: لا. كما هو خلاف معروف بينهم.
واعلموا أن التحقيق أن الرجل الذي يقاتل على فرس أن له في الغنيمة ثلاثة أسهم: سهمان لفرسه وسهم للرجل، هذا هو التحقيق الذي لا شك فيه -إن شاء الله- وعليه جماهير العلماء، منهم الأئمة الثلاثة (٢)، وهو ثابت في الصحيح ثبوتاً لا مطعن فيه. وخالف في هذا الجمهور الإمامُ أبو حنيفة (رحمه الله) وقال: إن له سهمين فقط: سهم للفرس، وسهم لصاحبه. والتحقيق أن له ثلاثة أسهم: سهمين للفرس، وسهم للراكب. وقد استدلّ الإمام أبو حنيفة (رحمه الله) بظاهر حديث جاء في ذلك، إلا أن غيره أصح منه وأصرح دلالة في محل النِّزَاعِ.
واختلف العلماء في البراذين والهجن هل يقسم لها كما يقسم للخيل العرَاب، أو لا يقسم
_________
(١) انظر: القرطبي (٨/ ٩)، المغني (١٣/ ٧٢)، الأضواء (٢/ ٣٩٧). وفي الأصل هنا: «السلاح»، وهو سبق لسان.
(٢) انظر: القرطبي (٨/ ١٤ - ١٥)، المغني (١٣/ ٨٥)، الأضواء (٢/ ٣٩٩).


الصفحة التالية
Icon