أَخْتَصِرُهُ أو أُعِيدُ صِيَاغَتَهُ.
٦ - إذا وقعَ للشيخِ خطأ في الآيةِ القرآنيةِ فإني أُصْلِحُهُ دونَ الإشارةِ لذلك.
٧ - الأحاديثُ التي يُورِدُهَا الشيخُ (رحمه الله) أَثْبَتُّهَا كما نَطَقَ بها. مع أنه قد يَذْكُرُهَا بالمعنى في بعضِ الأحيانِ، وإنما اكْتَفَيْتُ بتخريجها.
٨ - فيما يتعلقُ بالشواهدِ والأشعارِ التي يُورِدُهَا الشيخُ (رحمه الله)، قد أَجِدُ مغايرةً في بعضِ الألفاظِ فيما بينَ ما نَطَقَ به الشيخُ وما وقفتُ عليه من المصادرِ التي ذُكِرَ البيتُ فيها. فإن وَقَفْتُ في هذه الحالةِ على روايةٍ للبيتِ تُوَافِقُ ما ذَكَرَهُ الشيخُ اكتفيتُ بذلك وَأَثْبَتُّهُ كما قاله. وإلا أَثْبَتُّهُ كما قاله الشيخُ الْمُفَسِّرُ، وأشرتُ في الهامشِ إلى نوعِ المغايرةِ التي وقفتُ عليها.
أما إذا كان البيتُ من ألفيةِ ابنِ مَالِكٍ، أو مَرَاقِي السعودِ أو غيرِ ذلك من المنظوماتِ العلميةِ فإني أُثْبِتُهُ كما في الأصلِ الذي أُخِذَ منه.
٩ - عندَ بدايةِ كُلِّ وَجْهٍ من تلك الأشرطةِ أضعُ علامةَ (/) مع كتابةِ رقمِ الشريطِ والوجهِ في البياضِ الأيسرِ من الصفحةِ، هكذا (١/أ) أو (١/ب) وَهَلُمَّ جَرَّا.
١٠ - بَعْدَ كُلِّ درسٍ يختمُ الشيخُ (رحمه الله) بدعاءٍ قَدْرَ نصفِ صفحةٍ، وقد تَرَكْتُ نقلَ ذلك اختصارًا، ولأنه لا تَعَلُّقَ له بموضوعِ التفسيرِ (١).
_________
(١) وقد نقلت نص دعائه في أحد الدروس في آخر الكتاب.
وهذا نَرَاهُ مُشَاهَدًا اليومَ، كُلُّ كُفْرٍ وإلحادٍ، وكل خساسةٍ في الخُلُقِ ارتكبوها، دخلوا معهم كُلَّ جُحْرٍ، حتى إنه وُجِدَ واحدٌ إفرنجيٌّ نَبَتَتْ قرحةٌ تحتَ أنفِه، فلم يَقْدِرْ على حلقِ شعراتِ الشاربِ، صاروا يتركون من ذلك شَيْئًا، دخولاً في ذلك الجحرِ، وَاتِّبَاعًا لتلك القرحةِ، فحلقوا لِحَاهُمْ، وتركوا دينَهم، ودخلوا مع الإفرنجِ في كُلِّ جُحْرٍ دَخَلُوهُ!! وهذا من غرائبِ معجزاتِه (١) (صلواتُ الله وسلامُه عليه)، حيث أَقْسَمَ على هذا، وَتَحَقَّقَ بعدَ عشراتِ القرونِ، والغيوبُ التي أخبر بها كثيرةٌ جِدًّا، كثيرٌ منها شَاهَدَهُ الناسُ، والباقي منها سيشاهدونه. وهذا معنى قولِه (جل وعلا): ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١)﴾ [الأنعام: آية ١٠١].
ثم إن الله (جل وعلا) لَمَّا بَيَّنَ غرائبَ وعجائبَ صنعِه وكمالَ قدرتِه، وَبَيَّنَ لنا هذا في آياتٍ كثيرةٍ: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ﴾ [الأنعام: آية ٩٥]، وَبَيَّنَ (جل وعلا) أنه الذي أَنْشَأَنَا وَخَلَقَنَا: ﴿وَهُوَ الَّذِيَ أَنْشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾ [الأنعام: آية ٩٨] وَبَيَّنَ أنه خلق لنا أرزاقَنا على ذلك الأسلوبِ الغريبِ العجيبِ ﴿وَهُوَ الَّذِيَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا﴾ [الأنعام: آية ٩٩] وَبَيَّنَ أنه الواحدُ الذي لاَ مثيلَ له ولا نظيرَ، المتنزهُ عن الأولادِ والصاحباتِ، وأنه خالقُ كُلِّ شيءٍ، وأنه العليمُ بِكُلِّ شيءٍ، أشار لنا وقال: ﴿ذَلِكُمُ﴾ الذي سمعتُم صفاتِه وغرائبَ فعلِه وعجائبَه هو ﴿اللَّهُ﴾ خالقُ هذا الكونِ الذي يأمركم وينهاكم على لسانِ نَبِيِّهِ:
_________
(١) سيأتي عند تفسير الآية (٨٩) من سورة الأعراف.
ربهم في قوله: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [الأعراف: الآية ٣] ونهاهم أن يتبعوا أولياء من دونه -سواءً كانوا من أولياء الشياطين المضلين، أو من أولياء الإنس المضلين- في قوله: ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء﴾ ثم سفَّه من اتبع أولياء من دونه فقال: ﴿قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ لما أمر باتباع ما أنزل الله، ونهى عن اتباع غيره حذر هذا التحذير العظيم من اتباع غير ما أنزل الله، وبيَّن أن قبلكم أمماً كثيرةً اتبعت غير ما أنزل الله، وامتنعت من اتباع ما أنزل الله، فأهلكها الله وَدَمَّرَها تدميراً مستأصلاً، وعَذَّبَهَا في الدنيا عذاباً نكراً متصلاً بعذاب الآخرة، يحذر خلقه أن يتبعوا غير ما أنزل لئلا يوقع بهم ما أوقع بمن قبلهم؛ ولذا قال بعد قوله: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء﴾ قال بعد ذلك مهدداً ومخوفاً لمن اتبع غير ما أنزل، وامتنع من اتباع ما أنزل: ﴿وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ (٤) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥)﴾ [الأعراف: الآيتان ٤، ٥].
قوله: ﴿وَكَم مِّن قَرْيَةٍ﴾ (كم) في اللغة العربية هنا معناها الإخبار بعدد كثير، ومميزها هو المجرور بـ (من) معناه: وكثير من القرى أهلكناه ودمرناه؛ لأنهم اتبعوا غير ما أنزلنا، وتركوا اتباع ما أنزلنا. فـ (كم) هنا هي الخبرية، والمراد بها: الإخبار بعدد كثير. والمعنى: وكثير من نوع القرية أهلكناه ودمرناه. وإنما أَنَّث الضمير في ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ لأنه عائد إلى القرية، إلا أن هذه القرية عددها كثير كما دل عليه قوله: (كم) لأنه يخبر بعدد ضخم من القرى الظالمة أهلكها الله ودمرها؛ لأنها لم تتبع ما أنزل. فمعنى: ﴿وَكَم مِّن قَرْيَةٍ﴾ كثير من نوع القرية أهلكناه. و (كم) هنا في موضع رفع على أنها مبتدأ،
الصُّدُورِ} وقال جل وعلا: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ﴾ فبين أن الفِقه منفي عن محله الذي يفقه به وهو القلب، والآيات على هذا لا تكاد تحصيها في المصحف الكريم، أن العقل الذي به الإدراك محلّه في القلب، والآيات الدالة على هذا كثيرة، والأحاديث لا تكاد تحصيها، والنبي ﷺ قد قال: «إِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ» ثم فسرها صلوات الله وسلامه عليه قال: «أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ» (١). ولم يقل: «ألا وهي الدِّمَاغ».
هذا أمر معروف، ومعروف أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية طافحة بهذا، والغريب أنك ترى عامّة من ينسبون للإسلام يضربون بهذه النصوص الحائط ويزعمون كلهم بأن مركز العقل الدماغ!! ونحن نعلم أن الله هو الذي خلق العقل، وهو الذي وضعه في محله، ولا شك أن من خلقه وأبرزه من العدم إلى الوجود، ووضعه في محله أنه أعلم بمحله من الملاحدة الذين يبرهنون على ما يزعمون بفلسفات قد لا تكون مَبْنِيَّة على مقدمات يقينية، ولا ينبغي للمسلم أن يضرب بالقرآن عرض الحائط. فالآيات القرآنية لا تكاد في المصحف تحصيها دالة على أن العقل في القلب؛ لأنه دائمًا يذكر القلوب ويجعل الإثم مكانه القلب، والتقوى مكانه القلب فالله، يقول: ﴿وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: آية ٢٨٣] [ولم يقل:] (٢) «إنه آثم دماغه» يومًا ما!! وقال جل وعلا: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)﴾ [الحج: آية ٣٢] ولم يقل: «من
_________
(١) مضى عند تفسير الآية (٧٥) من سورة البقرة.
(٢) في هذا الموضع انقطع التسجيل، وما بين المعقوفين [] زيادة تم بها المعنى.
فعلى أنه فتوى فهو يعم جميع النساء (١)، فتكون كل امرأة بَخِلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا بالإنْفَاقِ اللازم جاز لها أخذه بغير إذنه. أو هو حكم فيكون خاصّاً كقضيَّةِ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ».
واعلم أن من أحكام الغنيمة: حرمة الغلول (٢)، والغلول في الشرع (٣): هو أن يسرق الإنسان من الغنيمة، فإذا سرق الإنسان من الغنيمة قبل أن تقسم، أو زنا ببعض المسبيات في الغنيمة قبل أن تقسم، فجماهير العلماء -منهم الأئمة الثلاثة- أنه لا يجلد حد الزنا، وأنه لا يُقطع يده في السرقة (٤)؛ لأن له شبهة في الغنيمة؛ لأنه من المستحقين لها وهو مشارك فيها. ومذهب مالك بن أنس رحمه الله في هذه المسألة مشكل غاية الإشكال؛ لأن مالكاً (رحمه الله) يرى أنه إن سرق من الغنيمة قبل القسم، أو وطئ جارية من المغنم قبل القسم أنه يُحدُّ حدّ السرقة وحد الزنا (٥)، مع أنه يرى أنه لو مات في ذلك الوقت لورث عنه وارثه نصيبه من الغنيمة! كيف يكون فيه نصيب يُورث عنه ولا يكون شبهة تدرأ عنه الحد؟ ففي هذا المذهب إشكال، وإن قال به هذا الإمام العظيم الجليل المعروف.
_________
(١) انظر في هذه المسألة: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي ص١١٢ - ١١٤.
(٢) انظر: القرطبي (٤/ ٢٥٨)، الأضواء (٢/ ٤٠٧).
(٣) انظر: القرطبي (٨/ ٢٥٦)، القاموس الفقهي ص٢٧٧، الأضواء (٢/ ٤٠٤).
(٤) انظر: القرطبي (٤/ ٢٦١)، المغني (١٣/ ١٩٥، ١٩٦)، الأضواء (٢/ ٤٠٧).
(٥) انظر: الكافي لابن عبد البر ص٢١٢، الأضواء (٢/ ٤٠٧).


الصفحة التالية
Icon