٥ - وعن أبي ذر - رضي الله عنه -، قال: قام النبي - ﷺ - بآية حتى أصبح يردِّدها، والآية: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم﴾ (١) (٢)، ولم يكن النبي - ﷺ - يبكي بشهيق ورفع صوت، كما لم يكن ضحكه قهقهةً، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملان، ويسمع لصدره أزيز، وكان بكاؤه: تارة رحمة للميت، وتارة خوفاً على أمَّتِهِ وشفقة عليها، وتارة خشيةً لله تعالى، وتارة عند سماع القرآن، وهو بكاءُ اشتياقٍ ومحبةٍ وإجلالٍ (٣) (٤).
النوع الثالث: تأثير القرآن الكريم على القلوب والأرواح والنفوس كما جاء في الآثار عن السلف الصالح:
١ - ثبت عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه -: أنه قال: ((سمعت النبي - ﷺ - يقرأ في المغرب بالطُّور، فلمَّا بلغ هذه الآية: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُون* أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُون * أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُون﴾ (٥) كاد قلبي أن يطير [وذلك أول ما وقر الإيمان في
_________
(١) سورة المائدة، الآية: ١١٨.
(٢) أخرجه: النسائي، كتاب الافتتاح، باب ترديد الآية، برقم ١٠١٠، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل، برقم ١٣٥٠، وأحمد، ١/ ٢٤١، وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة، ١/ ٢٤٢، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، ١/ ٤٠١.
(٣) زاد المعاد لابن القيم، ١/ ١٨٣.
(٤) وانظر المواضع التي بكى فيها رسول الله - ﷺ - في كتاب رحمة للعالمين للمؤلف، ص٨٢ - ٩٣، فقد جمعت مما صح من بكائه - ﷺ - ستة عشر موضعاً وغيرها كثير.
(٥) سورة الطور، الآيات: ٣٥ - ٣٧.


الصفحة التالية
Icon