٣ - وأوَّلوا بعضَها بلغة من الحبش والحمير والأنباط نحو كلمة "مِشكاة" (١) و "معَاذير" (٢).
٤ - ونقلوا بعضَ أخبار تدلّ على أنَّ مِن جلَّةِ الصحابة مَن لم يعلم بعضَ الكلمات منه مثل كلمة "أبّ" و "تخوّف" (٣). فهذه أربعة وجوه لذلك الظن. وندّلك على ما يزيله إن شاء الله تعالى.
فأمّا التسميةُ بالغريب فبالنسبة إلى العجم ومَن قلّ عِلمُه بالعربية. وأمّا الاختلافُ في التأويل فلِقلّةِ العلم بمواقعِ النزول وأحوالِ مَن نزل فيهم، وقلّةِ التدبّرِ في نظمِ القرآن، ووجوهٍ أخر كما نذكره فيما يأتي.
وأما كونُ بعضِ الألفاظ مِن غيرِ لغةِ قريش فإن صحّت الرواية فنحملها على بيان أصل الكلمة، فإنّه لا شك أن غيرَ واحدٍ من الألفاظ العربيةِ مجلوبة من لسانٍ آخر، مثل كلمة "سجيل" (٤) و "قسطاس" (٥) و "قنطار" (٦). وهذا لا يجعل الكلمة غريبة ولا مجهولة.

(١) أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: المشكاة: الكوة بالحبشية. انظر الإتقان ٢: ١١٦، والمهذب: ١٤٤. وانظر اللغات في القرآن: ٣٦، والبرهان: ١: ٢٨٨.
(٢) قيل: المعاذير: الستور بلغة اليمن. انظر الإتقان ٢: ٨٩. وانظر تفسير المؤلف لسورة القيامة: ٧. وقيل: سِينِين: الحسن بالنبطية. انظر البرهان ١: ٢٨٨.
(٣) انظر الإتقان ٢: ٤.
(٤) روي عن مجاهد وابن عباس أنها معربة من الفارسية، وأصلها "سنك كل" انظر الإتقان ٢: ١١٢، والمهذب: ٩٦، وانظر أدب الكاتب: ٣٨٤ وإليه ذهب المؤلف في تفسير سورة الفيل: ٣، وقيل "سجِّيل" بمعنى "سجِّين" واستحسنه الأزهري في التهذيب ٥٨٥: ١٠ - ٥٨٦.
(٥) عن مجاهد وابن جبير أنها الميزان بلغة الروم. انظر المهذب: ١٢٥، والإتقان ٢: ١١٥،
وأدب الكاتب: ٣٨٤، والجمهرة ٢٧: ٣، والزركشي ١: ٢٨٨. أصله constans باللاتينية، ومعناه: مستقيم. عرب بحذف النونين. انظر المعرب: ٤٨٨.
(٦) انظر الجمهرة ٣: ٣٤٠، والإتقان: ٢: ١١٦، والمهذب: ١٣١. قال السدِّي: هو مائة رطل من ذهب وفضة - اللسان (قنطر) وهو لاتيني أصله centenarium وهو مشتق من centum بمعنى المائة، ومنه "قنطيرا" بالسريانية. انظر جيفري: ٢٤٤، والمعرب: ٥١٦.


الصفحة التالية
Icon