وقال تعالى:
﴿حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (١).
فبيّن أن المقصود أن تعقلوا، فلذلك جعلناه عربياً وكتاباً واضحاً.
ولم يُنقل إلينا أنّ الصحابة خاصتهم ولا عامتهم رضي الله عنهم سألوا النبي - ﷺ - معنى كلمةٍ من القرآن، ولا حرجَ في سؤال معنى الكلمة، بل لا بدّ منه.
وقريش حكام في عُكاظ يُذعن لحكمهم شعراءُ العرب وخطباؤهم (٢).

(١) سورة الزخرف، الآيات: ١ - ٣.
(٢) نقل ابن فارس في الصاحبي: ٣٣ "عن إسماعيل بن أبي عبيد الله قال: أجمع علماؤنا لكلام العرب، والرواة لأشعارهم، والعلماء بلغاتهم وأيامهم ومحالّهم أن قريشاً أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة. وذلك أن الله جل ثناؤه اختارهم من جميع العرب واصطفاهم، واختار منهم نبي الرحمة محمداً - ﷺ -، فجعل قريشاً قُطّانَ حرمه وجيران بيته الحرام وولاته. فكانت وفود العرب من حجاجها وغيرهم يفدون إلى مكة للحج، ويتحاكمون إلى قريش في أمورهم، وكانت قريش تعلمهم مناسكهم وتحكم بينهم. وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها إذا أتتهم الوفود من العرب تخيّروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم، فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى نحائزهم وسلائقهم التي طبعوا عليها، فصاروا بذلك أفصح العرب".
وفي الخزانة ١: ٦١ "ومعنى "المعلَّقة" أن العرب كانت في الجاهلية يقول الرجل منهم الشعر في أقصى الأرض، فلا يعبأ به، ولا ينشده أحد حتى يأتي مكة في موسم الحج، فيعرضه على أندية قريش، فإن استحسنوه رُوي وكان فخراً لقائله، وعلّق على ركن من أركان الكعبة حتى ينظر إليه. فإن لم يستحسنوه طرح ولم يعبأ به".
وفي الأغاني ٢١: ٢٢٥ عن حماد الرواية: "كانت العرب تعرض أشعارها على قريش، فما قبلوه منها كان مقبولاً، وما ردّوه كان مردوداً، فقدِم عليهم علقمة بن عبدة فأنشدهم قصيدته التي يقول فيها:
هل ما عَلِمتَ وما استُودِعتَ مكتومُ
فقالوا: هذا سمط الدهر، ثم عاد إليهم العام المقبل فأنشدهم:
طحَا بكَ قلبٌ في الحِسان طَروبُ=


الصفحة التالية
Icon