أما الكلمة الجامعة المعاني فهي الكلمة المشتركة التي لم يذهل عن الجامع بين معانيها. والفرق بينهما أن المشترك إنما يراد به أحد الوجوه نصاً ولجهة نظام الكلام، والباقي إشارة. ونبه المؤلف على أن الكلمة الجامعة أيضاً كثيراً ما يكون عرضة للوهم، إذ يفسرها السلف بمرادف لها ببعض الوجوه فيظن أنهما متطابقان تماماً. ولكون القرآن حافلاً بالألفاظ الجامعة ولأن تنزيلها على وجوهها يحتاج إلى تدقيق النظر في موقعها وسياق الكلام، عني المؤلف بها في تفسيره عناية خاصة، وأحسن نموذج لمنهجه في تفسير الألفاظ الجامعة كلمة (الاتقاء).
أما المقدمة الثالثة فعقدها المؤلف لإثبات أن القرآن الكريم "قد أخلص عن الوحشي الغريب كما أخلص عن التعقيد في التركيب)، وقد ذكر فيها أربعة أسباب لاعتقاد الناس بوجود الغريب في القرآن وهي:
١ - تأليف العلماء في غريب القرآن.
٢ - كثرة الأقوال في تأويل بعض الألفاظ.
٣ - القول بأن بعض الألفاظ مجلوب من لغات أجنبية كالحبشية والحميرية.
٤ - ما روي من أن بعض جلة الصحابة خفي عليهم معنى بعض الكلمات كالأبّ والتخوف والفاطر.
ثم تكلم المؤلف على كل سبب من الأسباب المذكورة. ومن ذلك قوله في السبب الثالث بأن كون اللفظ معرباً لا يجعله غريباً ولا مجهولاً، فكل ما عربه العرب واستعملوه في كلامهم فهو من لغتهم. أما الروايات التي نقلت في جهل بعض علماء الصحابة نحو أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ببعض الألفاظ، فإن المؤلف ينكرها أشد الإنكار، ويرى أنها بصرف النظر عن ضعف سندها تعارض صريح العقل وتصريح القرآن الكريم، وقد ذكر دلائله في هذه المقدمة وفي تفسير سورة عبس عند الكلام على كلمة (الأب).
(٢) أما منهج المؤلف في تفسير المفردات القرآنية فقد يكون من التجوز