المقدمة الأولى في مقصد الكتاب وحاجتنا إليه
لا يخفى أن المعرفة بالألفاظ المفردة هي الخطوة الأولى في فهم الكلام. وبعضُ الجهل بالجزء يُفضي إلى زيادة جَهلٍ بالمجموع. وإنما يسلَم المرء عن الخطأ إذا سدّ جميع أبوابه. فمن لم يتبيّن معنى الألفاظ المفردة من القرآن ثم غلق (١) * عليه باب التدبر، وأشكل (٢) عليه فهم الجملة، وخفي (٣) عنه نظم الآيات والسورة. ولو كان الضرر عدم الفهم لكان يسيراً، ولكنه أكثر وأفظع. وذلك بأن المرء قلّما يقف على جهله، بل يتجاوز موقفه، فيتوهم (١) من اللفظ ضد ما أريد، فيذهب إلى خلاف الجهة المقصودة.
ثم (٢) سوءُ فهم الكلمة ليس بأمر هين، فإنه يتجاوز إلى إساءة فهم الكلام وكلِّ ما يدل عليه من العلوم والحكم. فإنّ أجزاء الكلام يبين بعضُها (١) بعضاً للزوم التوافق بينها. مثلاً كلمة "النزع" في [س قصص: ٧٥] (٢) تبين معنى "الشهيد" هناك. فسوءُ فهمها صَرفَ عن معنى غيرها. وهكذا "الآلاء" (٣) و "الطوفان" (٤).

(*) هذه الأرقام العربية من المؤلف. انظر ما سلف في المقدمة ص ٧٩.
(١) في المطبوعة: "بعضه"، وهو خطأ مطبعي.
(٢) وهو قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ وانظر كلمة "الشهيد" في هذا الكتاب ص ١٩٧.
(٣) انظر "الآلاء" في هذا الكتاب ص ١٢٥.
(٤) انظر "الطوفان" في هذا الكتاب ص ٢١٨.


الصفحة التالية
Icon