في الشر وفعل النقص في الخير ومنه ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت﴾. وقول الشاعر أيضا:
إنا اقتسمنا خطيئتنا بيننا... فحملت بِرّهُ واحتملت فجار
قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا... ﴾.
قال الزمخشري: فإن قلت: النسيان والخطأ متجاوز عنهما فما معنى الدعاء بترك المؤاخذة فيهما؟
وأجاب بأن الدعاء راجع لسببهما وهو التفريط والغفلة.
قال ابن عرفة: هذا على مذهبه في منع تكليف ما لا يطاق لأنه دعاء بتحصيل الحاصل ونحن نقول: يجوز الدعاء بتحصيله لأنه ممكن باعتبار الأصالة.
فإن قلت: الأصل تقديم الشّرط نحو أن يقال: إن نسينا أو أخطأنا فلا تؤاخذنا؟
قلت: قدم المدعو به للاهتمام به.
قال ابن عرفة: فالنسيان والخطأ مرفوع عن ابن آدم فيما بينه وبين الله تعالى. قيل له: قد قال الإمام مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه في العتبية فيمن حلف بالطلاق: ليصومن يوم كذا فأفطر ناسيا: إنّه لا شيء عليه؟
فقال: قال ابن رشد وابن دحون: أي لا حنث له.
وقال السيُورِي: واختاره اللخمي أي لا فضل عليه، واحتج بحديث: «حمل (عن) أمتي أخطاؤها ونسيانها.
وأجاب الآخرون: بأن الذي حمل إنما هو إثم الخطإ والنيسان لا نفس الخطإ. وذكرها ابن الحاجب في كتاب الأيمان والنذور، قال: وفيها ما نصه:»
والنسيان في المطلق كالعمد على المعروف، وخرج الفرق من قوله: من حلف بالطلاق لأصومن كذا فأفطر ناسيا فلا شيء عليه «.
قلت: ووقعت هذه المسألة في رسم سلف سمع من سماع عيسى من كتاب الأيمان والنذور بالطلاق.
(وقال ابن رشد: أي لا حنث عليه إذا كان ناسيا بخلاف ما لو أصبح مفطرا) ناسيا ليمينه، مراعاة للخلاف في وجوب القضاء على من أفطر في التطوع متعمّدا وفي رمضان ناسيا لما جاء في ذلك.
قيل لابن عرفة: قد قالوا: إذا قتل رجل خطأ: إنّ على قاتله صوم شهرين؟
فقال: النسيان إنما هو في رفع الإثم وليس سببا في صومه والقتل سبب في الصوم والشرع رتب عل ذلك القتل صوما فيجب عليه امتثاله (لا لأنه) كفارة بل الإثم ساقط عنه. انتهى.
قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِن قَبْلِنَا... ﴾.
قال أبو حيان: قرىء بالتشديد والتّخفيف. قال: في التشديد إما للتعدية أو للمبالغة.
قال ابن عرفة: فظاهره أنه لهما على (البديلة) ومنهم من قال: يصح كونه لهما على المعية وقال بعضهم: أما المبالغة هنا مع التشديد فظاهرة، وأما مع التخفيف (فمستفادة)


الصفحة التالية
Icon