قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ... (٤٠)﴾
قال ابن عرفة: إن قلت: لم أعاد الفعل والأصل في المعطوفات المتفقة الألفاظ الاكتفاء بالأول، فيقال: أرأيتم إن أتاكم عذاب اللَّه أن الساعة، فأجاب بأنه إذا كان صدور الفعل الأول من فاعله أقوى بالمعنى من صدور الثاني عن فاعله أو العكس فيعاد لفظ الفعل الأول، وإن لم يكن بينهما تفاوت ولا اختلاف في إحداث الفعل فيكتفى بالأول، ولا شك أن إتيان عذاب الله مغاير لإتيان الساعة، قوله (إِنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). جوابه محذوف أي فبينوا ذلك أو قدموه على تكذيبكم أو كفركم.
قوله تعالى: (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ).
قال: الساعة إما يوم القيامة أو موت كل إنسان، قال: وكان يجيء لنا فيها سؤال بياني، وهو أنه إذا عطفت جملة فعلية على جملة فعلية موافقة لها في اللفظ وفي المعنى فإنه يحذف الفعل الثاني اكتفاء بالأول، فتقول: قام زيد وعمرو فلم أعيد الفعل هنا في الجملة الثانية، قال: وتقدم الجواب بوجهين:
أما إذا كان اللفظان متفاوتين في المعنى فيعاد الثاني إشعارا بالتفاوت، ولا شك أن إتيان العذاب أشد من إتيان الساعة، وإما إشعار لما بينهما من البعد فإنه إن أريد بالساعة القيامة، وبعذاب الله المحق والرزايا في الدنيا فيعقبها بعد كثير ومهلة تامة، وإن أريد بالساعة الموت فالمحن الدنيوية كثير منها متقدم ومنها متأخر إلى الموت فالبعد ظاهر.
قيل لابن عرفة: وكيف يحسن أن يعاقب ذلك، بقوله تعالى: (أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ) سواء فسرنا الساعة بالقيامة أو الموت إذ لَا يكون الدعاء إلا في الدنيا، قال: قد قالوا (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) قيل: هذا دعاء لَا يفيد، فقد قال: فيكشف ما تدعون إليه، قلت: ويمكن الجواب بأن يهلك بعضهم فيتعظ به من يبقى منهم ويدعوا.
قوله تعالى: (إِنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
جوابه فدوموا على كفركم وإلا فتبينوا إلى ذلك.
قوله تعالى: ﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ... (٤١)﴾