قال ابن عرفة: وشرفوا هؤلاء بأمرين بالنهي عن طردهم، وبالثناء عليهم لصلاتهم بالغدو والعشي، قال ابن الخطيب: وأخذ منها بعضهم كلمن قوله (فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) حجة القول بإمكان الخطأ عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في اجتهاده ووقوعه، وهو قول حكاه ابن الحاجب، ورده ابن عرفة بأنه هم بذلك ولم يفعله فعصمه الله من فعله فكيف يأخذ منه وقوع ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ... (٥٣)﴾
قال ابن عرفة: أكثر المفسرين على أن الكاف للتشبيه أي مثل طلب صناديد الكفار منك أن تطرد ضعفاء المؤمنين فتنا بعضهم ببعض طلبوا منك طرد المؤمنين، كما نقول: لأجل فتنة زيد لعمرو قتله.
قوله تعالى: (أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا).
قال ابن عطية: اللام للصيرورة.
ابن عرفة: هذا إنما يقوله الفلاسفة الطبائعيون، ولا يقوله سني ولا معتزلي لاستلزامه نسبة الجهل إلى الله تعالى لمخالفته لقواعد أهل السنة من وجهين: من نسبة الجهل إلى الله تعالى، ومن تعليل أفعال الله تعالى ومخالفته لغير أهل السنة من نسبة الجهل إلى الله تعالى فقط.
قوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ).
قالوا: دخل النفي على الأخص فكان نفي أخص، فدخلت الهمزة عليه فأثبته على ما هو عليه فصار إثباتا لبعض.
قوله تعالى: ﴿فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ... (٥٤)﴾
قال ابن عرفة: يحتمل أن يكون أمر بأن يقول لهم ذلك على أنه من عند نفسه تحية لهم، أو يقوله تبليغا عن الله تعالى، كما تقول لصاحبك: إذا رأيت فلانا فسلم عليه أي عني فبلغه سلامي، والظاهر الثاني لوجهين: لأن فيه تشريفا لهم وتعظيما، وأيضا فإن الأول مخالف للحكم الشرعي بأن الداخل هو المأمور بالسلام على المدخول عليه.
قال ابن عرفة: وتقدمنا في ذلك قوله تعالى: (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) إن الرفع أبلغ من النصب لاقتضاء الاسم الثبوت بخلاف الفعل، قال السكاكي: فسلام إبراهيم صلى الله على نبينا محمد وعليه وعلى آلهما وسلم أبلغ من سلام الملائكة، وتقدم الجواب بأن الملائكة لما دخلوا