سُورَةُ الْأَعْرَافِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.
قوله تعالى: ﴿المص (١)﴾
قال ابن عرفة: الظاهر أن هذه الحروف اسم للسورة، واختلف الأصوليون هل يرد في القرآن ما لَا يفهم أو لَا، والظاهر عدمه.
قيل لابن عرفة: إن ابن الحاجب قال: هو بعيد، ولم يجعله من [... ] اعتبر الألفاظ؛ لأن الإنزال حقيقة إنما هو في الألفاظ المعبر بها عن الكلام القديم الأزلي بمطابقة الإعجاز؛ لأن المعجزة حادثة وعداه هنا بـ إلى اعتبارا بمنتهى الإنزال، وعداه في موضع آخر بـ على اعتبارا بمبدأ الإنزال، وعدَّاه بـ مِن لكونه من فوق إلى أسفل وهو على المحل المنزل عليه.
قوله تعالى: ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ... (٢)﴾
أي ضيق؛ أي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا حفظ القرآن ما هو مأمور بتبليغه لأمته فإذا بلغه ولم يؤمنوا مع حرصه على إيمانهم، وتعلق قلبه بذلك يقع في قلبه لأجل ذلك غمَّ، لأجل أن تبليغه ذلك لهم لم ينفع فيهم.
قوله تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا... (٤)﴾
احتج به من قال: إن الفاء لَا تفيد الترتيب.
وأجاب ابن عطية أن المراد بقوله تعالى: (أَهْلَكْنَاهَا) خذلان أهلها.
ابن عرفة: وهذه عبارة اعتزالية، والصواب أن يقال: خلقنا في أهل الفسق والمخالفة فجاءها بأسنا.
وأجاب ابن عصفور بـ أو، والمعنى أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا.
وقال الأستاذ أبو زكريا يحيى بن فرج العربي في تفسيره: وهذا الجواب فيه نظر من المتعلق التنجيزي؛ فمجيء البأس مقارن للإرادة فليس يعقبها، وإن أراد التعلق الصلاحي والإرادة القديمة فإن كان مجيء البأس بعقبها لزم عليه قدم العالم، وإن كان متأخرا عنها بمهلة لزم أن يكون بـ ثم، وأجيب بأن الإرادة قديمة مستمرة، وأنه إلى حين مجيء البأس فينقطع مجيء البأس بعقب آخر مدتها.