قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا... (٨٧)﴾
ابن عرفة: في الآية دليل على أن الأمر بالشيء نهي عن ضده؛ لأن الصادر من شعيب عليه السلام هو الأمر بعبادة الله سبحانه، فأجابوه بقولهم (أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا) فلو لم يكن الأمر بالشيء نهيا عن ضده لكان قولهم غير مطابق.
قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا... (٩٤)﴾
قال ابن عرفة: [إن قيل لأي شيء جاءت هذه الآية بالفاء في قصة هود عليه السلام*]؟ قالوا: قيل: لما [سيقت*] هذه الآية عقب ذكر الوعد، ناب الإتيان بالفاء المقتضية للتعقيب والإيجاز بخلاف الأخرى، وقال بعضهم: لما كان الوعد سببا في الإتيان بالموعود ناسب الإتيان بالفاء المقتضية للتسبب، وأما الآية الأخرى وهي آية هود عليه السلام فليس فيها ذكر الوعيد فجاءت على الأصل، والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩)﴾
قال ابن عرفة غير منقوص تأسيس لَا تأكيد؛ لأن قولك: أوفيت زيدا حقه محتمل أن يكون أوفيته إياه منقوصا أو غير منقوص.
قوله تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ... (١١٢)﴾
الكاف إما للتعليل أو للسببية على أن ما موصولة والعائد محذوف؛ أي كما أمرت به، كقول الشاعر:
نُصَلِّي لِلَّذي صَلَّتْ قُرَيْشٌ... وَنَعْبُدُهُ وَإِنْ جَحَدَ العُمُومُ
أي صلت قريش له، وعلى الأول تكون مصدرية، انتهى ما تقدم لابن عرفة فيها، وفي هذه الختمة قلت: وقدمت عنه في الختمة الأخرى أن ما مصدرية.
قوله تعالى: (استَغفِرُوا رَبَّكُم).
أضاف الرب إليهم، ثم قال (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) فأضافه إلى نفسه؛ لأن الأول طلب فناسب إضافته إلى وصف الربوبية المقتضي لرأفة المطلوب وضآلته على الطالب، ولا يقتضي حصول المطلوب، والثانية خبرية تقتضي حصول المخبر به؛ لأنها سبقته وحصول الرحمة من الله خاصة لشعيب، ولم يحصل منه لقومه؛ فلذلك أضاف الرب إليه فقط.
قوله تعالى: (إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).