ولم يقل: وكذلك ننجي المسبحين، كما قال: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) مراعاة لأول القصة في التسبيح، وأَول القصة (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ) فمن حصل له هذه الكلمة نجا، وإن لم يكن مسبحا.
قوله تعالى: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ... (٩٣)﴾
قال ابن عرفة: عادتهم يقولون: ما أفاد قوله (بَيْنَهُمْ)؟ فكانوا يجيبون بأن مادة التقسيم تفيد الانقسام بين الشخصين، فلو قال: تقسموا أمرهم لأفاد أن كل واحد منهم أخذ منه قسما بخلاف قوله: تقطعوا لحمهم، أو أمرهم بأنه يحتمل؛ لأن يكون تقطعوه وأخذ بعضهم بعضه، والبعض الآخر أخذه أجنبي، أو أخذ كله بعضهم، فلو قال: بينهم أفاد قسمة بين المتقطعين أنفسهم.
قوله تعالى: (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ).
التنوين عوض عن ضمير مضاف أو مجرور، فإنه قدر مضافا كان كلا، وإن قدر مجرورا؛ فإن كلية أي كل منه وهو أولى لإفادته تعلق علم الله بالجزئيات، وفي الآية الوعد [للطائع والوعيد للعاصي*].
وقوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ... (٩٤)
الآية حجة لأهل السنة في أن الإيمان هو مجرد التصديق، وأنه غير العمل الصالح، ولو كان هو نفس العمل لكان قوله (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) تأكيدا، وأجاب بعض الطلبة: بأنهم يقولون إن الإيمان هو الأعمال الصالحة الواجبة، والآية تناولت مطلق الأعمال واجبها ومندوبها.
قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ... (٩٦)﴾
ذكر ابن عرفة: ما قال المفسرون [وذكر*] عن بعضهم أن حتى غاية.
كقوله تعالى: (وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ).
لما ورد من أن الشمس إذا طلعت من مغربها يغلق باب التوبة ولا يقع بعدها عمل صالح، فلا يكتب الأعمال الصالحة، وإنما يكتب السيئة مع أن يأجوج ومأجوج مقارب أو مقارن طلوع الشمس من مغربها.
وزاد أنه وقف بعض النحويين، وهو ابن خروف: على أن الغاية إنما هي لازمة بحتى الجارة فقط، فإن قلت: لم هنا فتحت، وقال في الكهف: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا)، الفتحة أخف من الدك، بأن