أعراض؛ لأنها [أبدال تقوم بنفسها*] ولا توجد إلا في غيرها، وانظر قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ)، والصحيح أنها جواهر لطيفة، بدليل اللهب الذي فيها فإنه يعلو جدا.
قوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ).
قال ابن عطية: اختلف في سبب نزول الآية.
فقال قيس بن عباد، وهلال بن يساف: نزلت في حمزة، وعلي، وعبيدة، [ابن الحارث - رضي الله عنهم - برزوا لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة*] في غزوة بدر.
قال ابن عطية: ووقع أن الآية نزلت فيهم في صحيح البخاري.
ابن عرفة: وفي صحيح مسلم وهو آخر حديث رُوي [عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يُقْسِمُ قَسَمًا: إِنَّ ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ «إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ، حَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ*].
ابن عرفة: وإنما قال (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ) دونهم لنص الحكماء على أن الأصح إذا جعل في النار نفسها، قالوا: لأن النار جسم لطيف، والنحاس جسم كثيف متجمع [وآفته حرارة النار*].
فإن قلت: ما فائدة زيادة (مِنْ) في قوله تعالى: (مِنْ فَوْقِ)، وهلا استغنى عنها؟
فأجاب ابن عرفة: بأنها لابتداء الغاية في أول أمكنة الفوقية، قال: وكذلك أن الحميم إذا صب فوقهم عن بعد، فإنه يدركه الهوي فينقص من حرارته، فإذا صب فوق رءوسهم بالقرب نزل كما هو، وهذا مشاهد عندنا في المس إذا طبخناه أو صب في الإناء يرده بالمغرفة ترفع بها إلى فوق وتصبه فيبرد بالهواء ومهما علونا بالمغرفة إلى فوق، كان أشد في تبريده فأفادت زيادة من أنه يصب فوق رءوسهم من أقرب أمكنة الفوقية إليهم حتى لَا ينتقص من حرارته شيء.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ... (٢٣)﴾
أكد جزاء المؤمنين بأن ولم يؤكد جزاء الكافرين في قوله تعالى: (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ).
وقال ابن عرفة: فالجواب: أن حرص الإنسان على دفع ما يؤلمه أشد من حرصه على جلب ما يلائمه، فاكتفى في التنفير عن العذاب لمجرد الوعد مع ما حصله في