إن قلت: لم عطفت هذه بالواو وعطفت، [فَكَأَيِّنْ*] قبلها بالفاء؟ فالجواب: [بوجوه*] أحدها للزمخشري قال: لأن الأولى: تقدمها جملة معطوفة بالفاء، وهي قوله تعالى: [(فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) *]، وهذه تقدمتها جملة معطوف بالواو، وهي المشاكلة في كل واحدة منهما، الثاني: قال ابن عرفة: كان بعضهم يقول: إنما عطفت الأولى بالفاء المقتضية للترتيب؛ لأن الجمل السابقة عليها لَا يمكن وقوعها بعدها بوجه إذ هي إخبار عن الأمم السالفة، وعطف هذه بالواو؛ لأن الجمل التي قبلها يمكن تقديمها عليها وتأخيرها؛ لأن استعجالهم العذاب يمكن الإخبار عنه قبل الإخبار عن الإملاء، يكون في القرى وبعده فيناسب الإتيان بالواو المقتضية للجمع، ولا تقتضي ترتيب الثالث، قال الفخر: عطفت الأولى بالفاء المقتضية للسبب؛ لأن إهلاك أهل القرى [كائن*] في إهلاك القرى.
قوله تعالى: (ثُمَّ أَخَذْتُهَا).
[المهلة لما بين أول أزمنة الإملاء وزمن الهلاك*].
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩)﴾
الحصر سبب السياق، وسياق [الإنذار*] للكفار، فإن قلت: لم قال: (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ)، وقال في الآخرين: (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)، قلنا: لما ذكر الزمخشري: من أن الآية إنما [سيقت*] بالذات في معرض التخويف للكافرين، فذلك شدد في خطابهم.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ... (٥١)﴾
قال الزمخشري: أي سابقين إلى المراد فيها وإبطالها من قولك: سابقت فلانا فسبقته، وفي الحديث: "لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا عليه".
قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى... (٥٢)﴾
إن قلت: ما أفاد قوله تعالى: (مِن قَبْلِكَ)؟ فالجواب: إنه أفاد مع قولك من رسول التأكيد في عموم القبلية في الأمم المتقدمة، والرسالة تارة يراد بها مطلق البعث، وهو المعنى الأعم فيها، وتارة يراد بها البعث والتبليغ لغيره، والمراد بها في الآية المعنى الأعم، لقوله تعالى: (مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ)، ولو أريد المعنى الأخص، للزم استواء الرسول والنبي في المعنى، مع أنهما مختلفان، وإنما عطف النبي على


الصفحة التالية
Icon