قال الزمخشري: حق أرسل أن يتعدى بـ إلى [ولم يجعل صلة مثله*]، ولكن [الأمّة أو القرية جعلت موضعا للإرسال*]، قال الطيبي: كقوله تعالى: (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي)، والأصل أن يقال: وأصلح لي ذريتي.
ابن عرفة: فتارة يجعل متعلق الفعل محلا له، وتارة يجعله [ظرفا*].
قوله تعالى: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ... (٣٥)﴾
قال ابن عطية: الاستفهام يعني التوقيف على جهة الاستبعاد والاستهزاء.
قال ابن عرفة: الاستبعاد في الممكن الرجوع، والاستهزاء في المستحيل الوقوع، فإن استبعدوا وقوعه على سبيل التقرير والإنكار، وإن نفوا الإعادة وجعلوا وقوعها محالا، فهو استهزاء إما بالرسول الذي وعد بذلك، أو بالمخاطبين الموعودين به، قال: والتوقيف إما بنفي المقتضى له أن يوجد المانع له منه فهم أنكروا عليهم واحتجوا بنفي المقتضي، بقوله تعالى: (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ)، من وجهين:
الأول: المثلية تمنع من اتباعكم له، [ولَا يتبع الإنسان إلا من هو أعلى منه*].
الثاني: أن المثلية تقتضي التساوي فاتباعهم له ترجيح، إذ ليس اتباعهم له بأولى من اتباعه لهم، وأما وجود المانع فباعتبار أنه آتاهم بالمحال مانع من قبول قوله: هذا عندهم دليل على بطلان قوله: فكيف يتبعونه على بطلان ما جاء به.
قوله تعالى: ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦)﴾
قال ابن عرفة: كيف الجمع بين هذه وهي من أوعد وبين قوله تعالى: في أول الآية (أَيَعِدُكُمْ)، وهو من وعد، فأجاب: بأن الأول راجع إليهم في الحال والوجود، فلذلك قرنه بالوعد، والثاني: راجع لحالتهم بعد الموت والعدم، فناسب اقترانه بالوعيد.
قوله تعالى: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا... (٣٧)﴾
الضمير عائد على مطلق الحياة، وفسرها بحياة مخصوصة.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (٤٢)﴾
الإنشاء أخص من الابتداء، والقرن إما القطعة من الزمان أو الجماعة المجتمعون في وقت ما، فإن أريد الأول: كان على حذف مضاف، أي أهل قرون، والوصف بآخرين تأكيدا، وكان بعض الطلبة يجعله تأسيسا ويرده بأنك إذا قلت: رأيت رجلا


الصفحة التالية
Icon