قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ... (٤)﴾
قال ابن عرفة: إنما ذكر قذف المحصنات دون قذف المحصنين؛ لأن لحوق المعرة للنساء أشد، بدليل قول الإمام مالك رحمه الله: قاذف الصبي الذي يطيق الوطء [إنه لَا يحد*]، بخلاف قاذف الصبية المطيقة للوطء، وما ذلك إلا للحوق المعرة لها.
قوله تعالى: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً).
مع أن مالكا رحمه الله، قال في الضد: إذا قذف إنه يجلد نصف الثمانين [وعقاب القاذف*] بثلاثة أمور: حسي: وهو الجلد وعدم قبول الشهادة، ومعنوي: وهو الحكم عليه بالفسق.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ... (٦)﴾
قال ابن عرفة: يؤخذ منها أنه إذا شهد أربعة على الزنا أحدهم الزوج أن الثلاثة يحدون؛ لأنه ألغى شهادة الزوج، بقوله تعالى: (وَلَم يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أنْفُسُهُمْ)، فإذا ثبت إلغاؤها مع انفرادها ثبت مطلقا، وهي مسألة المدونة في [أجزاء اللعان*].
قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ... (١٠)﴾
يؤخذ منه في مسألة الغيبة فيمن حلف على طائر أنه غراب، وحلف الآخر أنها حدأة، فغاب عنهما أنهما يَدِينَانِ ولا يحنث واحد منهما، وكذلك هذان المتلاعنان؛ لأن أحدهما على الباطل مع أن الله تفضل بأن يستر عليهما، وقد جاء في حديث ماعز بن مالك والغامدية، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لهما بعد تمام اللعان: "أحدكما كاذب"، وتركهما ولم يتعرض لهما، ولم يقل لهما ذلك قبل اللعان؛ لأن لعانهما أوجب لهما [حرمة*] يبقيا مهملين من العقوبة.


الصفحة التالية
Icon