قوله تعالى: ﴿ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨)﴾
يحتمل أن يكون من النظر أو من الانتظار.
قال ابن عرفة: وعادتهم يوردون هنا سؤالا وهو: هلا قال: فانظر ماذا يجيبون؟ فإن الجواب للكتاب أخص من الرجوع، قال: وعادتهم يجيبون: بأن [الكاتب*] إن كان له اعتناء بالمبعوث إليه، [وأراد*] بعين الكتاب [الاعتبار*]، ونزل منزلة [المساوي له*] في درجته، سمي ما يصدر عنه بعد قراءة كتابه جوابا، [وإن [أراد*] بعين [الصغار والاحتقار*] جعله في رتبة الرسول الحامل للكتاب، وكان جوابه إنما هو الرسول، فسمي ما يصدر منه له مراجعة، وكذا سليمان عليه السلام حال بلقيس وملكها بالنسبة إلى ملكه، فجعل جوابها [كأنه*] لرسوله؛ [لا له].
قوله تعالى: ﴿فِي أَمْرِي... (٣٢)﴾
أي في شأني.
قوله تعالى: ﴿قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ... (٣٤)﴾
جمعتهم إما باعتبار الملوك الماضية، وإمَّا باعتبار ما يأتي، وإمَّا باعتبار إنما لم يكن على تقدير أن لو كان كيف كان يكون.
قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ... (٣٥)﴾
جمعتهم إما لرجوع الضمير للملوك، وإمَّا تعظيما لسليمان، وإمَّا اعتبارا به وبخاصته.
قوله تعالى: ﴿فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ... (٣٦)﴾
وقرئ (وما آتاني الله خير).
قال الزمخشري: والفرق بين العطف بالفاء والواو، أن الإنكار تارة يتسلط على السببية، كقولك: لَا تأكل السمك وتشرب اللبن، فإن أردت تجهيله في الكتب عطفته بالفاء؛ لأنه تارة يكون يشرب اللبن ظانا أنه ماء، فإذا هو لبن فهذا جهل السبب، وتارة يعلم أنه لبن ويجهل أنه إذا اجتمع في البطن مع السمك يضر، فهذا جهل السببية، وكذلك تقول: تعطي زيدا الدراهم وهو غني، فإن كان المعطي يجهل أنه غني فهو جاهل للسببية، وإن علم أنه غني، وجهل أن الغنى مانع من إعطاء الزكاة له فهذا يجهل السببية.