[**الآية]، فيكون عذابا في عذاب؛ وجعل النَّاس كأنهم علموا أولا أشياء ثم نسوها، فضرب الأمثال؛ ومن كلامه في سورة الزمر، قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ)، وجه مناسبتها لما قبلها؛ أن الاشتراك في الأمر المشق المؤلم أهون على النفوس من الاختصاص به، كمن ضاع له دينار ولم يضع لغيره شيء، وآخر ضاع له ولغيره، وكذلك فعل [الطاعات*].
قال: ووقوعنا من بئس القوم ابتداء أقرب إلى الإنذار به فيها والإتباع، فلذلك قال (أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ)، ثم قال (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ).
قال الزمخشري: يعني أن الله تعالى أمرني أن أخلص له الدين بدليل العقل والسمع، فإن عصيت ديني لمخالفة الدليلين استوجبت عذابه.
قيل لابن عرفة: هذا اعتزال، فقال: هذا تنبيه يصدر من السني والمعتزلي، فالمجرور في قوله بدليلي العقل تعلق بالفعل، وهو (أمرني) وهو اعتزال، وإن تعلق بقوله: (أخلص) فليس باعتزال، قيل له: قد نص [الضرير*] في أرجوزته على اعتقاد وحدانية الإله واجبة بالعقل والفروع، والشرائع هي الواجبة بالسمع، لأنه قال: ما نصه فخالق الأشياء وجداني، وشاهد العقل بذلك [يشهد*].
قال ابن عرفة: هذا خطأ لأن الأصوليين حكموا الخلاف في النظر؛ فمذهب أهل السنة أنه واجب بالسمع، ومذهب أهل المعتزلة أنه واجب بالعقل على أن كلام المفسرين يمكن تأويله، فيحتمل أنه يريد به قصر معرفة ذلك في الدليل والإدراك، أو رجوعه إلى الأمر التكليفي.
قيل له: ما عمله شارحه ابن خليل في شرحه: أن السلطان وأميره إذا دعا إلى معصية؛ فإنه يجب اتباعه، قال: وهذا خطأ طرح؛ وحديث مسلم في كتاب الإعادة يرد عليه.
قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُم)،
أي الخسران الأخص، أي خسروا لذة أنفسهم ونعم أنفسهم؛ لأن خسران الشيء هو ضياعه، وأنفسهم لم تزل باقية.
قوله تعالى: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ).