قال: عادتهم يجيبون: بأن عدم مساواة الأعمى والبصير ظاهرة لَا تخفى على أحد، وعدم مساواة المسيء للصالح خفية لَا يدركها إلا من اطلع على حالهما معا، فلذلك كرره.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ... (٦٠)﴾
قال: عادتهم يقولون: القرآن كله [قول الله تعالى*] فتخصيصه بنسبته إليه لَا بد له من فائدة، وهي الاعتناء بهذا، [وأن سُؤلك*] لَا يسوغ تركه، وقوله تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، ولفظ الأمر فيه زيادة الإشعار بتأكد الطلب.
قال ابن عطية: ومعناه إن شئت ذلك.
قال ابن عرفة: لَا حاجة إلى تقييده بالمشيئة، لأن هذه الشرطية مطلقة كما تقدم لنا في الجواب عن الإشكال الوارد في قوله تعالى: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ)، قال: وبيان ذلك أن القائل لزوجته: [إن دخلت الدار*] فأنت طالق، فلا تطلق [بالدخول*] إلا مرة واحدة، ولا يتكرر عليه الطلاق بدخولها مرارا، فالمطلق يصدق وقد وجدنا بعض [الداعين*] يستجاب، فتصدق الشرطية بذلك، أو يجاب: بأن كل داع يستجاب له، ومن لَا يستجاب له لم يكن أخلص النية، أو استجيب له بإدخال الثواب باستجابة الدعاء وحفظه الليل والنهار ونقصه، والخبر هو المبتدأ لكن أفاد بما ذكر معه من الأوصاف، وقدم هنا صفة الخلق على كلمة التوحيد، وعكس في الأنعام لتقدم ذكر المخلوقات هنا.
قوله تعالى: ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢)﴾
استغراب وتعجب من صرفهم على الإيمان به، ثم قال: كذلك [يؤفك*] على وجه التسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، و [يؤفك*] حكاية حال ماضية، أي كذلك فعل الذين من قبلهم.
قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً... (٦٤)﴾
ابن عرفة: انظر هل يؤخذ أنها [كورية*]، وأنها كالقبة، فهي [نصف*] دائرة، لكن يقال: لو كانت نصف دائرة لانكشف عنه دورانها.
قوله تعالى: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ).
قالوا: الإنسان هو أحسن الحيوانات خلقا، كما قال الله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ).


الصفحة التالية
Icon