إن قلت: لم عبر بهذا ولم يقل: فإذا الذي هو عدوك؟ فالجواب: أن هذا يفيد حصول العداوة من الجانبين، وكل واحد منهما عدو لصاحبه، ولو قيل: فإذا الذي هو عدوك لَا، فإذا العداوة من أحد الجانبين فقط.
قوله تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)﴾
أي من الصبر أو من العقل ولا يحصل ذلك إلا من اتصف بالصبر، وهذا أخص من الأول.
قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ... (٣٦)﴾
الزمخشري: النزغ هو النخس.
ابن عرفة: وهذا على سبيل [الفرض*] كان ملزومية المقدم للتالي لَا يدل على وقوعه، مثل: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ)، ولذلك أتى فيه بكلمة إن قلت: هو حقيقة، قال: أو هو مجاز، وشبهه بعضهم بطائر مؤذ أغار على بستان فلا يؤذيه ولا يقصد إذايته لعلمه أنه لَا يقبل الإذاية لكنه يمر عليه ويقصد إذايته، ويمنعه من ذلك مانع، وتارة يقصد إذايته فيؤذيه، فالأول: حالة الشيطان عليه اللعنة مع الأنبياء عليهم السلام، والثاني: حاله مع الأولياء يوسوس لهم فلا يعطونه، والثالثة: حالة مع سائر النَّاس من العصاة.
قوله تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ... (٤٢)﴾
ابن عطية: أي مما قبله من الكتب و (مِنْ خَلْفِهِ) أي مما بعده من نظر ناظر أو فكرة عاقل، أي لَا يتعلق به إبطال مبطل متقدم ولا متأخر.
ابن عرفة: (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) على هذا متعلق بالباطل لَا يتأتى لأن يأتي مستقبل، و (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) مأمن له، قلت: أو يكون حالا من الباطل.
قوله تعالى: ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ... (٤٣)﴾
فسر بمعنيين:
أحدهما: [ما يقول لك كفار قومك إلا مثل ما قال للرسل كفار قومهم*].
الثاني: ما يقال لك من الوحي في الكتاب المنزل عليك إلا ما قد قيل للرسل في الكتب المنزلة عليهم، أو ما يقال لك من الوحي بالأحكام والشرائع إلا ما قد قيل [لغيرك*]، فالمقول له على هذا مثل ما قد قيل لغيره لأنه غير ما قد قيل لغيره.