قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا) نظر هل يتناول هذا ابن النفي قال: إن حملت التربية على آخر الحمل والنفقة عليه حينئذٍ فلا يتناول إلا ابن الولادة وإن حملناها على العموم فيتناوله.
قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا... (٢٨)﴾... فيه وجهان الأول أنه من [إقامة*] السبب مقام المسبب والتقدير، وإما تعرض عنهم لاعتبارك لأن إعراضه إنما هو لاعتباره لَا [لابتغاء الرحمة*]، وإما أن في الكلام تقديما وتأخيرا أي وإما تعرضن عنهم فقل لهم قولا ميسورا [ابتغاء الرحمة من ربك*].
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ... (٢٩)﴾
هذا تمثيل في المعنى البخل ستنتج كقول "العائد فيه كالكلب يعود في قيئه" كل ذلك ينفي عن الاتصاف بهذه الصفات، قلت لابن عرفة: ظاهر الآية النهي عن هذا البخل لأن [غل*] اليد إلى العنق هو النهاية وإنما كان يتناول مطلق البخل لأنه لو قيل: لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، فقال بل يتناول مطلق البخل، وشبهة بغل اليد إلى العنق استقباحا للبخل قلَّ أو أكثر.
قوله تعالى: (وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ).
يتناول النفقة المحرمة أصلا؛ كشراء الخمور، والمحرمة بعارض كشراء [**الخمور بدينار كبير].
قوله تعالى: (فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا).
ابن عرفة: هذا لف ونشر فاللوم راجع إلى البخل لأن الإنسان يلام على عدم النفقة، ولم يقل مذموما ليتناول ذلك النهي عن البخل بالواجب، وبغيره، وقوله محسورا راجع إلى النهي عن بسط اليد؛ لأنه إذا بالغ في بسطها يقل درهمه ورزقه ويتغير عليه فيبقى محسورا.
قال ابن عرفة: وانظر قال في سورة تبارك الفرقان: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) وإن كان بين ذلك قواما فبدأ هنالك بالسرف في النفقة وهو بسط اليد، وبدأها هنا بالبخل.
قال ابن عرفة: وعادتهم يجيبون أن سورة الإسراء مشتملة على جملتين اقتضاء النهي والأعم والأغلب في البخل والشح فهو أحق وهم بأن تقدم النهي، فقدم نفي ذلك لأنه هم هنالك والآية خرجت مخرج المدح دليل مقدم فيها ما سواهم في المدح،