لأن كل واحد منها في حين فحدوث صفة تقوم بهما عند مقارنتها في الوجود إنما هو أمر عادي خلق الله تعالى لَا أن أحدهما أوجب ذلك الأمر.
قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ... (٨٦)﴾
هنا دليل على أن الأعراض ما يبقى [زمنين*] وإلا فإن يقول لنذهبن بمثل الذي أوحينا إليك قلنا لابن عرفة المراد بالذهاب منعه من استمداده بعد إعدامه بأعراض أُخر؛ لأن العلم عرض من الأعراض أو هو صفة وليس بذات وقل معه عرض، قال: وعدم العصمة في حق الأشياء ممكن عقلا [... ] فصار ذلك كالأمر الضروري فمن حمله قال: وليس شيئا [... ] ممكن عقلا فلذلك علق به المسألة.
قوله تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ... (٨٨)﴾
قال ابن عرفة عن بعض الشيوخ يقول الإنس علمت منهم بفصاحة؛ لأنهم عرب والجن فلم يعهد معهم شعر ولا فصاحة، فلا يتوهم معذور المعارضة منهم للقرآن، قال وكنا نحن نجيبه بوجهين الأول: أن الجن عهد منهم على ما يزعمون الاطلاع على بعض المغيبات [والقرآن*] يشتمل على [الإخبار*] بالغيوب فلو اجتمع الجن الذين [يجيئون*] ببعض الغيوب والإنس ليغيروه عن معانيه بألسنتهم لما أتوا بمثله، فوجه الجواب الثاني: أن من عادة العرب أنهم ينسبون الإعراب للجن، فصار [... ] ينسبون للجن فقال المقري: قد كان أرباب الفصاحة كلما رأوا عجبا عدوه من صفة الجن فلذلك قال: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ) [نقل ابن عطية*] كمًّا في فصاحة العرب ومعارضة القرآن كلاما طويلا، ثم قال: وقد اختلف النَّاس في هذا الموضع فقيل: دعوا إلى السورة المماثلة في النظم والغيوب وغير ذلك من الأوصاف، وكان ذلك من [تكليف ما لَا يطاق*]. [فلما عسر عليهم خفق بالدعوة إلى المفتريات*]، وقيل غير هذا.
قال ابن عرفة: هذا غلط من ابن عطية، وليس هذا من تكليف ما لَا يطاق إنما هو تعجيز لَا تكليف لأن التكليف بما لَا يطاق إنما هو أمر شرعي يثاب على فعله، ومعاقب على تركه، وأما التحدي بهذا فإنما هو تعجيزي، لَا تكليفي؛ لقوله تعالى: (قُل كُونُوا حِجَارَةً أَو حَدِيدًا) ولذلك غلط الشاطبي في قوله [ما لَا يطاق هو تكليف*] بعجزه والإفضاء له قد أوضح العذر في الإخبار بالغيب وإن كان مما لَا يطاق، وإنَّمَا هو تعجيزهم.